الفتوى أم الاستفتاء .....
أعتادت الشعوب العربية في العصر الحديث على
نمط من الانظمة الدكتاتورية الحاكمة , والّتي صيرت من شعوبها وبلدانها اقبية ظلماء
, ودهاليز للجريمة , نتج عنها بعد عقود من الزمن خراب كبير شمل الارض والانسان على
حدٍ سواء , ومن الطبيعي لاتستطيع بضعة أسطر ان تصف مرحلة زمنية بهذا المستوى من
الخطورة في التحول الاجتماعي والاخلاقي للشعوب, ولاسيما تلك التي خاضت حروبا طويلة
فقد شهدت منعطفات تاريخية كبيرة جدا . والتي لم تشهد حروبا تعرضت الى فعل التغيير
الاخلاقي بسطوة ازلام الانظمة الدكتاتورية... وبتنظير اقلامها المباعة والمشتراة
في الوقت نفسه...والامر في حقيقته غير مرتبط في العصر الحديث وزمن هيمنة الانظمة
العسكرية الدكتاتورية على صدور الشعب العربي..فقد عاشت هذه الشعوب تاريخا طويلا
تحت حكم الدول الاسلامية الكبيرة من مثل الدولة الاموية والدولة العباسية وعصر
الدويلات والمماليك ومن ثم الدولة العثمانية أو كما تسمى { الاحتلال العثماني } ,
استطالت تلك الفترة كثيراً وامتدت لعقود من الزمن ,امتدت اجنحتها من الصين الى
اسبانيا ثم تقلصت كثيرا بفعل عامل التاريخ القائم على نهوض الامم وانهياراخرى..
أما الان وقد من الله على كثير الشعوب العربية بتذوق هامش من الحرية بعد احداث
تاريخية دامية اطاحت بجنرلات العرب ..بقي هذا الهامش اسير ثقافة تمتد بامتداد
القرون الّتي حكمت فيها الدول شعوب المنطقة العربية ..والحقيقة هي ليست ثقافة
بالمعنى الحقيقي ولكن امراً ما فرض على ثقافة الناس فرضا ..فقد حصن الحاكم العربي
على وجه الخصوص والمسلم على وجه العموم بامرين لاثالث لهما في كسب طاعة الناس
لاوامره , اولهما السيف والسياف ...وثانيهما الفتوى الدينية وتطويق اعناق الناس
بالفتوى والزامهم باحكام حديدية بعضها
غيبي وبعضها جاهز للتنفيذ , لمن جازف وقال
بخلاف الراي ..والفتوى الدينية في حقيقتها, مناطة بشخص ألزم نفسه بالدراسة الدينية
والتعمق فيها وبعد جد واجتهاد..تمنح له احقية الفتوى ولمريديه السمع والطاعة
..وعلى الرغم من كثرة المفتيىن واختلاف مشاربهم في العصر الحديث ؛فقد اثقلت كاهل
المواطن العربي اولا والمسلم ثانيا تعميم الفتوى ..وتعددها وتنوعها ..حتى صرنا في
حيرة من امرنا .. كلنا يشعر بن الاية الكريمة والّتي تنص على الشورى قد حيدت تماما
في الوقت الذي نحن بامس الحاجة اليها كمنفذ للحوار والتعايش والتقبل للراي الاخر
وبصورة اجمل كخطوة للديمقراطية والاستماع للصوت المقابل حيث قال تبارك وتعالى في
محكمه {{ وشاورهم في الامر فاذا عزمت فتوكل على الله }} آل عمران من الاية 159
.... الا أن هذه الاية الكريمة تعرضت للاضطهاد في التفسير كثيرا وكثيرا تجييرا
لافكار معينة ومصالح خاصة والموضع ليس موضع الاية الكريمة وتفسيراتها .., اذن فقد
أدت الفتاوى في أزمنة كثيرة ادوارا مختلفة كلها قائم على السمع والطاعة دون
المشاورة والشورى ..ومع ظهور الاسلام السياسي على الساحات العربية حتى عادت
الادوار الاولى وتشعبت وتعددت الفتاوى في كل شأن, كبيرا كان ام صغيرا ...وهنا
تتحير الالباب في صيغة نهج البحث عن ثقافة الاستفتاء في المجتمعات العربية كحل
اساسي في معرفة أوجاع الشعوب وتطلعاتهم ورغباتهم...ولاسيما في الموضوعات الحساسة
والّتي تقرر فيها مصائر الشعوب.. الاستفتاء الحقيقي يعتق الرقاب من الفتوى ويمنح
المفتي فرصة التعرف على وجهات نظر الاخرين.. الاستفتاء يمنح صوتك أحقية الوجود
والتعبير..ويعطيك انطباعا كبيرا بانك محرر من القود..في الوقت الذي تجتهد بعض
الدول المتقدمة في معرفة رأي المواطن في قضية التدخين في الاماكن العامة...من خلال
الاستفاتاء واعتماد نتائجه ..تجتهد دول اخرى في اقصاء ثقافة الاستفتاء من
مجتمعاتها ..ولاسيما في القضايا المصيرية كالانفصال والاستقلال والتقسيم والتعايش
المشترك ..فلماذا لاندعوا الناس يعبورن عن سجاياهم دون تاثير مباشر أو غير مباشر
وفي بعض الاحيان بمصادرة علنية لاراء الناس ..ثقافة الاستفتاء يجب ان تتوطن في
المجتمعات العربية , والعراقية بخاصة ..لانها المعبر الوحيد والمعيار الحقيقي لما
تحب وما احب , والقانون الحقيقي لاحترام ماتريد وما اريد ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق