الثلاثاء، 30 أبريل 2013

د. محسن أطيمش / عقلية متفردة في النقد الادبي الحديث


محسن أطيمش

( 1366 - 1415 هـ)
( 1946 - 1994 م)



سيرة الشاعر:

محسن أطيمش.

ولد في مدينة الناصرية (عاصمة محافظة ذي قار - العراق)، وتوفي في  مدينة الطب/بغداد متأثرا بمرضه

ينتمي لأسرة نبغ فيها عدد من الشعراء، منهم: إبراهيم أطيمش، وأحمد أطيمش، ومظهر أطيمش.

أكمل دراسته الابتدائية والإعدادية في مدارس العراق، وواصل تعليمه ودراساته العليا حتى حصل على درجتي الماجستير،بمرتبة الامتياز من جامعة بغداد... ثم الدكتوراه في الأدب الحديث.بمرتبة الامتياز ايضا من جامعة القاهرة

عمل بتدريس النقد الأدبي الحديث والمسرح والشعر في الجامعة المستنصرية ببغداد بدءًا من (1983)، وكان اتجاهه النقدي يؤثر مبادئ النقد الأدبي في الغرب 

ويتخذها معيارًا لنقد آدابنا العربية.

كان عضو اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين، وعضوًا في رابطة النقاد.

الإنتاج الشعري:

- ديوان: «محمد عفيفي مطر.. الأناشيد» - دار الشؤون الثقافية العامة - بغداد 1992. (والديوان قصيدة واحدة مطولة، موضوعها الشاعر المصري محمد عفيفي مطر).

الأعمال الأخرى:

- له دراستان نقديتان نال بهما درجتي الماجستير والدكتوراه، هما: دير الملاك - دار الشؤون الثقافية العامة - بغداد، والشاعر العربي الحديث مسرحيًا - دار الشؤون الثقافية العامة - بغداد. وكتاب اخر غير مطبوع اسماه تحولات الشجرة { مع الاسف الشديد لااحد من الورثة يتحدث عن مصير الكتاب }}

شاعر مجدد، كتب قصيدة التفعيلة المشحونة بالرمز والعمق الدلالي، ووقف بها على أعتاب قصيدة النثر، يلتزم بنية التدوير إن جاز التعبير مع الشعر التفعيلي، حيث لا ينتهي السطر الشعري بانتهاء التفعيلة أو مجموعة التفاعيل، وإنما ينتهي بانتهاء بياض الصفحة ليكتمل مع السطر التالي، وهكذا. ديوانه الوحيد «محمد عفيفي مطر.. الأناشيد» عبارة عن قصيدة واحدة مطولة يتبنى فيه مبدأ التجريب المعتمد على العمل الواحد بوصفه سياقًا متحدًا وإن تعددت تقسيماته الموضوعية، وهو ما يمكن تسميته (ديوان الحالة).تقاسم هذا العمل الكبير ثلاث بطلات كلهن يحملن اسم فاطمة..التي احبها...التي ربته...التي انبتت النور....وكلهن حقيقيات من وحي التاريخ وحياة الشاعر نفسه....... في شعره تأثر بالبيئة المصرية، ووصف لبعض مشاهد الحياة فيها، كما أن فيه سردية وقصّاً استطاع الشاعر أن يوظفهما توظيفًا إبداعيًا لرسم صور شعرية. استعار في بعض مقاطعه الفصيحة مقاطع من الأغاني المصرية باللهجة العامية، أوردها على لسان بعض شخصياته.

يعد من أصحاب الاذن الموسيقية العروضية التي من النادر ان تجانب الصواب ولو لمرة واحدة في عشرة اعوام دون ان ابالغ في وصفي لها...وكان حافظا كبيرا للشعر العربي والنحو العربي....

وكان الانسان بمعنى القيم الحقيقية للانسان والجوهر الحقيقي للحب..وكانوا تلاميذه يبجلونه ويحبونه  الى حد كبير.....

اظن ان النص الاخير الذي كتبه , قد كتبه قبيل يوم من وفاته مهداة { لآمي الجنوبية } لانه كان يرى بها دفء ريف  جنوب العراق وزرعه وضرعه...على حد وصفه حرفيا لها في القصيدة...

 

مصادر الدراسة:

- حميد المطبعي: موسوعة أعلام العراق في القرن العشرين - دار الشؤون الثقافية - بغداد 1995.

عناوين القصائد:





المتفرّد بالماء

ما كانت تعرفُ إلا طعمَ «الهيلِ» المنقوع بماء «الزعترِ» والوردِ 

الأزرقِ، ذاتَ مساءٍ غنّى، فاكتظّت رائحةُ البحرِ بدمع الحبِّ ولون الهدبِ، وشريانِ 

الترحالِ، امتلأتْ روحُ الشاعر بالنورِ الربّانيِّ، وفاضت لسماءٍ مجهدةٍ، وغيومٍ 

حائرةٍ تعبث بابنةِ ذاك المتفرّد بالماء،ِ وبالأزرقِ، كاد يغادره اللونُ، وتأخذه 

نحو الثلجِ رياحٌ من مدنٍ أخرى، لكنّ «السيدةَ الكبرى» لفّت بنتَ الملكِ المتفرّدِ 

بالماء وبالأزرقِ

ومضتْ بجلال أبيها، الفجرِ، إلى مسجد «سيّدنا»

في آخر مرة كنا في «دلمون»، وما زالت «فاطمة» ابنة ذاك 

المتفرد بالسرّ وبالماءْ

تحلمُ مثل الطفلةِ،

مثل الطفلة أن تحيا في الصحراء

وسط هواء يوقظ في الروح أوائل بدء خليقتها، في العشب أوائلَ خضرته، مثل 

الطفلةِ أن لا تبصر ما سمعت عن أروقةٍ، أو عاصمةٍ، أو مدن تذبحُ فيها الأضواء، 

بسكين لا تعرف لون الدمِ، لم ترَ شرطيًا أو دهرًا يهرمُ في عُنقٍ فوّارٍ ملتصقٍ 

بهواءٍ لزجٍ ونتوءات في الظلمة

النورس كان وحيدًا

النورسُ كان وحيدًا، مثلَ المصلوبِ على هيكل شمسٍ، وكمن يُتعبه 

الداءُ، بأجنحةٍ من رعبٍ، شاهدَ أحجارًا هي أعتق مما أبصره الأثريون، تغادر هيكلها، 

لتخلّفَ هاجسَ موتٍ ممتدٍّ مثلَ لسانِ رصيفٍ شيّده عمالٌ معتوهون

يلهث، لا ريحَ تساعده، كان ونهدا «فاطمة» يهتزان لهاثًا وحنينًا، قال: 

«سمعتُ كلامًا لكن لم أرَ أفواهًا، وتردّدَ أن العالم أحمرَ صار، وأن الرسامين وفي 

كل الأنحاء، رأوا ذاتَ مساءٍ، أن العالمَ قد غيّر صورتَه، وانسلخَ اللونُ عن 

الجلدِ، وما عاد الأبيضُ مثلَ شرايينٍ يتدفّق منها ماءُ الجوزِ، وقالوا: لن يُزرعَ 

زنبقُ شِعرٍ في جسدٍ، أو في خاصرة امرأةٍ حسناءَ رأوا شيئًا ما هشّمَ وقعَ 

الكلماتِ، وألهبَ أبوابَ الحبِّ، وكلّ الأبراجِ رأوها تتهاوى، تحمل طلّسماتِ اللفظِ 

الأقدمِ عهدًا فاشتعلتْ بين يدي رسامي العصرِ وصبّوا الزيتَ الأحمرَ في تجويفات 

الكلمات»

الموت الأجمل

«أجملُ مافي الرقص، وأجملُ ما في آخر رقصاتِ العمرِ

الكونُ معًا

بل أجملُ ما في الموتِ الموتُ معًا،

والحركاتُ لفاتنةٍ واحدةٍ تعني أن الإيقاع خرابٌ،

والرقصَ ترابْ

والموتُ إذا كان بعيدًا ووحيدًا

لا يحمل إلا لونَ غرابٍ، مرّ سريعًا

أسقطَ دمعتَه ونأى نحو الأحبابْ»

فاطمة

«فاطمةُ»، أبهى النسوةِ، أذْهَلَها ما سمعتْ

فنأتْ حينًا وبكتْ

وبحبّاتِ الرملِ المفجوع طلتْ نهديها

ما الحنّاءُ؟!

النيلُ؟!

ورائحةُ الغيطْ؟!»

وفي السرّ تُتمتم كانت:

«مسكينٌ هذا الشاعرُ

مسكينٌ من يتغنّى بالكلماتِ،

ومسكينٌ من صاحبَ يومًا

بعضَ الشعراءْ»

تركتْ شيئًا من ثوبٍ بالٍ

كان له لونٌ ما

أيامَ العينين الصافيتينْ

تركت لـ«محمدَ» شيئًا من شَعرِ

جدائلها، ونأتْ نحو الملاّحِ ببعضٍ من

أمتعةٍ، تركتْ شاهدةً عند الأهراماتِ،

وراحت مع أمتعةٍ:

حبّاتِ رمالٍ،

حنّاء

ووردَ مياهِ النيلِ،

ولوحةَ من علّمه الحبُّ الرسمَ،

وطرّزَ ذاك الاسمَ بإكليلٍ أزرقْ

 

الاثنين، 29 أبريل 2013

العلمانية المؤمنة




 
العلمانية المؤمنة
بقلم: جمال حسين مسلم       مقالات أخرى للكاتب
بتاريخ : الإثنين 29-04-2013 08:24 مساء


لا أحد يتذكر تاريخ مصطلح باسم العلمانية المؤمنة ,والذي  يعني بالضرورة وجود علمانية ملحدة و أخرى مؤمنة في الاتجاه الثاني.. ولكن طبيعة وحساسية المجتمع العربي , الذي يدين بالدين الاسلامي في غالبيته ؛ دعت  بعض كتاب الامة الى اكتشاف مسمى يحميهم من الويلات ويمهد الطريق لتقبل الفكرة التي يريدونها ويهدفون الى تحقيقيها ؛ فكانت التسمية  الجديدة ب { العلمانية المؤمنة } , و لا أعرف تاريخا محددا لظهور هذا الفكر في الساحة العربية  الى الوجود , ولكن الشيخ مصطفى السباعي المنظر السوري العروف , قد قال في مثل هذا المجال الفكري كثيراً {إن الاسلام في تشريعه مدني علماني يضع القوانين للناس على أساس من مصلحتهم وكرامتهم وسعادتهم , لافرق بين أديانهم ولغاتهم وعناصرهم } والحقيقة ان العلمانية ومنذ قيام  واستقرار الثورة الفرنسية 1905م , أوجدت مفهوم فصل الدين عن السلطة , الذي تطلب أكثر من مائة سنة عند الفرنسيين, فيما اختزل الى سنة وأربعة اشهر عند النخب التركية في عام 1922م , وفي كلا المثالين كانت الظروف الخاصة جدا تحيط بالموضوع وتعريفاته                                                
 وحقيقة الموضوع تقوم على فكرة الدولة المدنية , التي تحيد المؤسسة الدينية وتحد من سلطاتها , وبالوقت نفسه تحفظ للجميع حقّ قبول الاخر بهويته التي  ورثها من أبويه دون دخل له في ذالك...وبهذا تفصل بين الدين وبين السلطة ولكن لاتفصل بين الدين والحياة..ومن هنا تكون ضامنة لكل الحريات الفكرية الاخرى والعقائدية وتصب في الوقت نفسه بدلالات الاية الكريمة { لا أكراه في الدين } وهي ليست دينا جديدا منافسا ولكنها فهم الانسان لنفسه و لطريقة عيشه في هذه الدنيا و ولا استبداد او تطرف في رفض كل اشكال الدين من الحياة او في رفض كل اشكال التفكير الفلسفي من الحياة ايضا                                                                 
       وفي عصر الدكتاتوريات العسكرية العربية , الّتي اذاقت المواطن الويلات والاهانات , نراها استبدلت الديمقراطية بالبدلة العسكرية وألغت كل الحقوق المدنية الا  حقّ الحاكم العسكري وولده من بعده وعشيرته ومن ثم القرية التي ولد فيها ..فكانت تحيد الدين وتضرب بيد من حديد على اي فكرجديد يساري أو ديني على حد سواء , ومع ذالك فقد فصلت تلك الانظمة بين الدين والدولة , وطال أمد الاستبداد ..فكان الخراب ولا زال من أثاره كثير من الدمار الاخلاقي والاجتماعي والعمراني والعلمي..                                               
ومثلت المنعطفات التاريخية الجديدة في الوطن العربي تحولات  كبيرة في تاريخ المنطقة والشعوب العربية من الناحية السياسية والاجتماعية..والنتائج والمكتسبات الجديدة التي جاءت بفعل التدخل العسكري الخارجي { العراق وليبيا } او بفعل الحراك الجماهيري الكبير { تونس ومصر واليمن }, جاء بنتائج جديدة شكلت صدمة كبيرة للمتتبع للاحداث العربية والاقليمية وخيبة أمل...., تمثلت بصعود نجم الاحزاب الدينية وسيطرتها على المؤسسات المدنية والعسكرية بل سيطرتها الكاملة على كل مرافق الدولة , سواء بزغت هذه الاحزاب بفضل صناديق الانتخابات أو التسلق الى السلطة فقد باتت عاملا مهما في المنطقة العربية و الاقليمية كلها...وجل هذه الاحزاب جاء بمقدمات فكرية داخلية وخارجية , اما الخارجية فقد انصبت على عداء امريكا ودول الغرب الاوربي من جهة وعداء ايران او الولاء لها من جهة أخرى  وبحسب الاحزاب الحاكمة ...ولكن سرعان ما تخلصت من عقدة العداء للغرب بأقامة علاقات مريبة ومثيرة معه ..تشبه الى حد كبير علاقات الغرب بالانظمة الدكتاتورية السابقة..وبقيت على توتراتها مع ايران وطاعتها في دول اخرى...انسجاما مع الفكر المذهبي وولاء لانظمة عربية بعينها في مواضع اخرى..  وبعيد هذا وجدت الاحزاب الدينية ولاسيما السلفية منه , وجدت نفسها متورطة بشعارتها الاصولية ومدى تطبيقها على أرض الواقع.فكانت الازدواجية في التعامل مع الاحداث هي السمة الاولى في عمل الحكومات الاسلامية بعد التغيير العربي , والامثلة على ذالك كثيرة ومنها:-    
رفض الاحزاب الاسلامية الحاكمة الربا المصرفي وتعده من المحرمات ولكنها تهرول وتتوسل صندوق النقد الدولي !!! وهي تحسب غير المسلم كافرا يجوز عليه من قوانينيها ما يجوز ولكنها تسكت عنه الى اشعار أخر ربما وربما بسبب الوضع الدولي..تؤمن بالبيعة للخليفة المسلم وتجري الانتخابات على أرضها ؟؟؟ تصدر التأشريات للدخول لاراضيها وتؤمن بأن لاحدود في الدولة الاسلامية؟؟؟ تستنكر الارهاب وتجيشه في دول أخرى..تؤمن بالعداء المذهبي لايران وتتوسل بالعثمانيين الجدد..تنصرالجيوش في افغانستان وتجاهد ضدها في العراق... تؤمن بالعدالة الاجتماعية وتتمثل بالخلافة الراشدة.....فيما توزع الارباح بين شخوصها ومؤسسيها فقط..؟؟                                               
اذن هو المأزق الفكري الجديد الذي حلّ بنا مع الاسف والذي قد يتطلب اربعة عقودا أخرى من الزمن لرحيله , مالم تفهم الحكومات العربية الجديدة, بأن التغيير يبدأ من أحترام هوية المقابل وقبوله بالمواطنة وبناء مؤسسات المجتمع المدني , الكفيلة لكل حريات المذاهب , وتحت سلطة القانون مع الاحتفاظ بالهوية تحت مظلة الوطن الواحد..تلك هل أبسط مفاهيم العلمانية الحديثة والتي هي ليست بدين جديد أو فلسفة تعادي الدين بقدر ماهي أسلوب لقيادة الدولة المدنية الى بر الامان..                                       
ان العقود القادمة والتي من المؤمل ان تشهد البلدان العربية بعدها صحوة  حياتية كبرى ¸من الممكن لها أن تختصر كما اختصرت عند النخب التركية في مطلع ثورتهم ضد السلطان العثماني....ولاسيما مع تحركات اليسار المصري  الديمقراطي والذي اثبت بما لايقبل الشك , بأنه لايهادن ولا يساوم وأن ثورته قائمة لامحال... ومن بعده اليسار التونسي وعلى الرغم من صعوبة الوضع هناك ,لان دول ما بعد التغيير العربي عادت لتستخدم الجيش والداخلية لقمع الاصوات المعارضة لها..بثوب جديد يقوم على تعويم الفتيا وتجريم كل من يقف في طريقها...ولكن تبقى فكرة العلمانية المستوعبة لمختلف الهويات هي الحل الافضل لضمان حرية الجميع ضمن أطار الدولة المدنية المتحررة .دولة بناء المواطن ودار المواطن في آن واحد           
 

السبت، 27 أبريل 2013

حاسبينك انت كل العمر وايام وسنينه


حاسبينك مثل رمش عيونا بعشرتك لينا ****حاسبينك أنت كل العمر وايام وسنينه ****وداعتك ذاك انت غالي حبيب وسلوت حجينا ***حاسبينك انت كل العمر وأيام وسنينه ***من هويتك لمت روحي الما هوت بسنين صغري ***ومن ليگتك  روحي صارت نذر لاهل الهوى العذري ***يا غرامك مثل طعمك روحي ماشافت سعادة ***الدنيا حد الشو گ حلوه والگلب ينثر وداده ***عيونكم تبارلي نجمه ادور بيه شما تريد***طافت بروحي حمامه وگربت مني البيعد***الدنيا حلوه وناس حلوة والوطن باسم سعيد****عاشگين احنا وهوينا*** ومثل ما ردنا ليگينا***وداعتك ذاك انت غالي حبيبي وسلوت حجينا**حاسبينك انت كل العمر ويايم وسنينه                                                                                                         

الجمعة، 26 أبريل 2013

بشار بن برد ...قتيل الخليفة المهدي

بشار بن برد العقيلي أبو معاذ. وقيل العقيلي نسبه لامرأة من بني عقيل أعتقته.
شاعر مطبوع. إمام الشعراء المولدين. ومن المخضرمين حيث عاصر نهاية الدولة الأموية وبداية الدولة العباسية. كان ضريرا منذ ولادته، دميم الخلقة، طويلا، ضخم الجسم.
ولد في نهاية القرن الأول الهجري. (96 هـ - 168 هـ). عند بني عقيل في بادية البصرة وأصله من فارس (من أقليم طخارستان). أبوه فارسي كان يعمل طيانا و أمه يقال أنها روميه. كان هجاءا، فاحشا في شعره، هجى الخليفةالمهدي ووزيره يعقوب بن داود. حتى العلماء والنحاة فقد عرض بالأصمعي وسيبويه والأخفش وواصل بن عطاء. اتهمه بعض العلماء بالشعوبية والزندقة. وبرئه البعض من ذلك لغيرة العرب من الفرس عند بداية العصر العباسي وقيام الفرس بشئون الدولة. تعلم في البصرة وانتقل إلى بغداد.اتهم في آخر حياته بالزندقة. فضرب بالسياط حتى مات. وقد ذكر ابن المعتز في كتاب "طبقات الشعراء" سبب وفاته فقال: "كان بشار يعد من الخطباء البلغاء الفصحاء وله قصائد وأشعار كثيرة، فوشى به بعض من يبغضه إلى المهدي بأنه يدين بدين الخوارج فقتله المهدي، وقيل: بل قيل للمهدي: إنه يهجوك، فقتله، والذي صح من الأخبار في قتل بشار أنه كان يمدح المهدي، والمهدي ينعم عليه، فرمي بالزندقة فقتله، وقيل: ضربه سبعين سوطاً فمات، وقيل: ضرب عنقه"، ودفن بالبصرة. وكانت نهايته في عصر الخليفة المهدي. 

إذا كنت َ في كل ِّ الأمورمعاتباً ....                  صديقك لم تلقَ الذي لا تعاتبه
فعش واحدا ً أو صِل أخاك فأنه ....                         مقارف ذنبٍ مرة ومجانبه
إذا أنت لم تشرب مراراً على القذى ..                     ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه
إذا الملك الجبَّار صعَّر خدَّه ......                           مشينا إليه بالسيوف نعاتبه
وجيش كجنح الليل يزحف بالحصى ......                وبالشوك ، وأخطي حمرثعالبه
غدونا له والشمس في خدر أمها .....                      تطالعنا والطل ُّ لم يجر ذائبه
بضرب يذوق الموت من ذاق طعمه ......               وتدرك من نجى الفرار مثالبه
كأن مثار النقع فوق رؤوسنا ......                        وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه
بعثنا لهم موت الفجأة إننا ......                             بنو الملك خفاق علينا سبائبه
فراحوا فريقاً في الأسار ومثله ......                      قتيلٌ ومثل لاذ بالبحر هاربه
وأرعن يغشى الشمس لون حديده ........                وتخلس أبصار الكماة كتائبه
تغص به الأرض الفضاء أذا غدا ......                  تزاحم أركان الجبال مناكبه

الخميس، 25 أبريل 2013

المجاز واستعمالاته في لغة تقنية المعلومات

 

 
ستّار سعيد زوَيني
الثلاثاء ١٦ أبريل ٢٠١٣
عندما يتبلـــوّر تدريجياً حقل جــديد نتيجة للبحث العلمي المتقدّم، تحتاج المفاهيم التي يقدمها ويتعامل معها ويناقشها، إلى تسميات وصياغات لغوية لإيصال المفاهيم للمتلقي، خصوصاً الاختصاصيين. وتصبح هذه التسميات مصطلحات ذلك الحقل. وكي تقدم تقنية المعلومات مفاهيمها وتصوغ مصطلحاتها للمتلقي، لا بد لها من أن تبحث عن مفردات تستخدمها لأغراضها، تغرفها مما هو متوافر في اللغة. وفي أغلب الأحيان، يجري اللجوء إلى المجاز وتعبيراته، إذ يساعد المجاز على تقديم صورة ذهنية لعلوم التقنيات الرقمية وأنظمتها، على أساس التماثل بين المفهوم المعروف والمفهوم الجديد باستخدام الصياغة اللغوية للمفهوم المعروف، ما يصنع مصطلحاً للمفهوم التقنيّ الحديث.
 
المجاز بالكلمة والصورة
هناك نوعان أساسيّان من المجاز، استخدما في صوغ مصطلحات تقنية المعلومات. يتمثّل الأول في الصياغة اللغوية (المصطلحات) والتمثيل الصوري (الأيقونات). ويستعمل كلاهما للتعبير عن العناصر الإلكترونية ومُكوّنات التقنيّة. ويتجسّد النوع الثاني من المجاز في الصياغة اللغوية لحقل تقنية المعلومات، وكذلك المعنى الحرفي خارجه. في النوع الأول تكون الطبيعة التقنية الإلكترونية للعمليات ليست فعلياً ما تشير إليه المصطلحات، بل هي مجاز لها، ومثال ذلك المصطلحات المتّصلة بالملف الرقمي كفتح وحذف وسلة المهملات وغيرها. إذ أن طبيعة هذه العمليات إلكترونياً ليست فعلياً فتحاً أو حذفاً. وتبيان التفاصيل التقنيّة لهذه العمليات أمر خارج نطاق هذا المقال.
أما رموز الأيقونات، كأن تكون صورة أو رمزاً/ فهي مجازات وفق نظرية العلامات «سيـــميوتكس» semiotics، بمعنى أنها تمثّل المفاهيم تمثيلاً مجازياً. وفي الواجهة الرسومية للبرامج والتطبيقات، تمثل الإيقونات على نحو مجازي، العناصر الإلكترونية في النظام. أما الصيغ اللغوية (المصطلحات) التي تعبر عن هذه الإيقونات، فهي مجــازات لغوية.
ويأتي نموذج على هذا الأمر من مصطلحات مايكروسوفت التي ترمز لمفردات «المكتب» في برامج «أوفيس» Office (وترجمتها: مكتب)، وهو أشهر المجازات في لغة تقنية المعلومات، إضافة إلى مجاز «القائمة» Menu وهو مأخوذ عن قائمة الوجبات في المطاعم.
اختيرت مفردات عامة ثم صيغَت مجازياً في تقنية المعلومات، لتكون مصطلحات متخصصة لهذا الحقل يستخدمها ذوو الاختصاص للإشارة إلى العمليات والعناصر والأشياء التي يريدون الإشارة إليها في هذا المضمار. ويضمن هذا الأمر تسهيل عملية التواصل بين الاختصاصيين، كما يمكّن من تقديم المعلومات للقراء وجمهور المستخدمين من غير ذوي الاختصاص، وذلك بالاعتماد على معرفتهم بالعالم من حولهم، وهو ما تقوم عليه هذه المجازات. تنبغي الإشارة إلى أن الأمثلة موضع النقاش، أتت إلى اللغة العربية في ترجمة لمجازات في لغة أجنبية. وتاليّاً، خضعت هذه المجازات أيضاً إلى شروط الترجمة، وهي عملية لغوية وثقافية تكون العوامل المؤثرة فيها أكثر من تلك التي تؤثر في الصياغة الأولى في اللغة الأجنبية.
تصاغ مصطلحات تقنية المعلومات بالابتكار مثل (بايت)، والاشتقاق (مُتصفّح) والتركيب مجازياً مثل (ماكينة البحث أو محرّك البحث). ولأن الابتكار نادر في اللغات، تلجأ العلوم والتقنيات إلى ما هو متوافر من مفردات لتسبغ عليها صفة الخصوصية لحقل معين، فتخرج مما هو عام إلى ما هو خاص. وفي تقنية المعلومات، يستند المجاز إلى التماثل والتشابه اللذين يعقّدهما الاستخدام اللغوي مع ما هو مستخدم في حياتنا اليومية ولكن له طبيعة مختلفة. وهذا هو كنه المجاز، أي وصف شيء بصفات شيء آخر بسبب وجود نوع من التناسب بينهما.
تستمد مصطلحات تقنية المعلومات كينونتها من استخدام خاص لها خارج صفتها العامة، فتتمثلها لغة هذا المجال إلى درجة أن الناس تسهى عن جانب المجاز فيها. وفي تقنية المعلومات، يكون المجاز مزجاً وجمعاً لأوجه تقليدية بين المشبه والمشبه به ووجه الشبه. فعلى سبيل المثال، يجمع مصطلح «الفأرة» Mouse بين هذه الأركان الثلاثة كلها. ويكون المجاز ناجحاً عندما ترتبط صياغته بمفهوم أو شيء أو عملية، ارتباطاً واضحاً بما يعرفه عامة الناس في الحياة اليومية خارج نطاق التقنيات، مثل مصطلح «سطح المكتب» Desk Office.
وعند إمعان النظر في مفردتين رئيسيتين هما «الحاسوب» و «الإنترنت»، نجد أن المجاز المستخدم فيهما يجعلهما يتصفان بصفات يـــسبغها عليها التحوّل من الحقيقي إلى المجازي، إذ يصبح الحاسوب كائناً بـــشريّاً لأن المفردات المستخدمة للتعامل معه هي في أساسها مفردات نستخـــدمها للـــتعامل والإشارة إلى الإنسان. وبذا يقال بسهولة أن الحاسوب «يعمل ببروتوكول» و «يصاب بفيروس» فنضعه في «الحَجْر». ويشار إلى ســـلوك الحاسوب بصفة افتراضية، على أنه «مضيف» و«ضيف» و«عميل» و«زبون» و«وكيل». وفي النفس عينه، يشار إلى الحاسوب بوصفه ورشة عمل عبر مصطلحات «صندوق الأدوات» و«تركيب» و«تنصيب» و«تحميل» وغيرها. وكذلك يُنظر إلى الحاسوب بوصفه مكتباً عبر استعمال مصطلحات «ملف» و«مجلد» و«مُرفَق» و«قصاصة» و«صندوق الوارد» و «إدارة الملفات» وغيرها. كما يظهر الحاسوب على هيئة مبنى، بناية، عبر مصطلحات «تسجيل الدخول» و«الخروج» و«نافذة» و«جدار الحماية» وغيرها.
وتُستعمل مصطلحات المبنى في الإنترنت، كـ «موقع» و «عنوان» و«زيارة». ويظهر الإنترنت أيضاً بوصفه طريقاً عبر مصطلح مثل «خريطة الموقع». وتستعمل في وصف الإنترنت مصطلحات الحروب كـ «كلمة المرور» و«أمن» و«حرب إلكترونية» وغيرها. وتتخذ الإنترنت هيئة كتاب عبر مصطلحات «صفحة» و«تصفّح» و«نشر»، وكذلك الحال بالنسبة للمصطلحات الدالّة على كون الإنترنت بحراً كـ «قرصنة» و«إبحار»، وسوقاً عبر «تجارة إلكترونية»!
وتستمر تقنية المعلومات في استخدام المجاز لتعبر عن المفاهيم الجديدة. إذ أن عدد مفردات اللغات محدود، والمجاز أحد الأساليب الرئيسة في استحداث المصطلحات. وتعبر هذه المفاهيم وصياغاتها المجازية، الحدود اللغوية لتنتقل إلى اللغات الأخرى، منها اللغة العربية.
 
* أستاذ علم اللغة والترجمة، الجامعة الأميركية في الشارقة

 
 
 
 

الأحد، 21 أبريل 2013

الرئيس وحملته الانتخابية ..... والناس


 

تقصدتُ التأجيل في الحديث عن هذا الموضوع الى ما بعد انتخابات مجالس المحافظات في العراق 2013م. لكي لايحسب ضمن الدعاية الانتخابية والدعاية المضادة لها.. فقبل اليوم البنفسجي للعراقيين , شنت الاحزاب حملة انتخابية كبيرة ,تعددت مهامها وتنوعت اساليبها .وكانت البداية مع الحملة المليونية للبوسترات الشخصية, ثم غير ذالك من الاساليب الدعائية وانتهاءا بقيادة الزعماء حملتهم الانتخابية الحزبية بشخصهم نفسه..وهذا مايحدث في معظم البلدان المتقدمة حيث يقود الزعيم الحملة بنفسه وبين انصاره ليعطيها زخما كبيرا {بحسب ما يعتقد هو }, وقد عمد كثير من رؤوساء الاحزاب العراقية الى فعل هذا الامر..وما أختياري للسيد رئيس الوزراء المحترم ؛ لهذا الموضوع الا لاسباب موضوعية وفي مقدمتها كونه صاحب الحل والعقد في هرم السياسة العراقية وان كثر مناصبيه عن حق أو باطل ..؟ والسبب الثاني في كونه صاحب القرار الاداري الاول في معالجة اية ازمة او حالة انسانية تستوجب التدخل المباشر والشخصي من السيد رئيس وزراء العراق شخصيا ...فكانت الفرصة قائمة حين بدأ السيد المالكي بالترويج لحملة حزبه الانتخابية شخصيا من خلال زيارته الى كربلاء والنجف والناصرية والعمارة والبصرة والخالص..وهناك ملاحظات جوهرية عدة احاطت بهذه الزيارات المعدة سلفا لاغراض انتخابية فقط..                                                            

وفي صلب الموضوع ودون مقدمات اخرى..لم يلتق السيد المالكي في كل هذه المحافظات بمواطن واحد يفترش الرصيف لكي يعيش.. ولم يركن سيارته على جانب ليترجل ويصافح مواطن واحد ثم يسأله عن مشاكله وأحواله وكيف يعيش..ولم يدخل أي بيت عراقي او محل عمل لمواطنين بسطاء , ولم يزر اية عشوائيات سكنية..ولم يستوقفه اي طفل يبيع  المناديل في الاشارات الضوئية..                   

ومعظم اللقاءات تمت في مسارح كبيرة أُعدت لهذه الزيارة سلفا ,وكان الحضور منتقى لهذا الموضوع سلفا أيضأ وخلت هذه المسارح من أي حضور مضاد فكري لهذا الحزب او ذاك , فقد ابتعد الجميع عن المناظرة الفكرية ؛ لكي لاتتحول الى حرب وثائق اخرى لاتبقي ولاتذر..ولكي لايكشف النقاب عن المستور من الفساد الاداري والمالي االذي يعصف بالبلد من شماله الى جنوبه , وكانت الشوارع نظيفة جدا ليوم واحد فقط.!!!                                                                    

وأبتعاد المسؤول عن المواطن وعدم مواجهته بالشكل المباشر, في رأي يعود لاسباب عدة  في مقدمتها :-                                                             

أولا:- ان المسؤول العراقي ولاسيما أصحاب القرار لايمتلك الشجاعة الكافية لمواجهة المواطن ومعرفة حقيقة معيشته , واللتي يشيح بوجهه عنها وكأنه لايراها..

ثانيا: - قد يكون الوضع الامني هو السبب , ولكن اذا كان الوضع الامني الى هذا الحد من السؤ ..فلماذا لانواجه واقع الادارة والمسؤولين عن هذا التردي في الامن والخدمات ..

ثالثا :- ربما يكون المسؤول ضامن لنتائج  الانتخابات مقدما , وليس بحاجة الى التعرف ومواجهة واقع معيشة الاخرين...                                 

رابعا :- ربما تعود الناس على حياة الدعة والهدوء في المنطقة الخضراء..وليس هناك مايبرر لسماع اصوات الفقراء..                                       

أرجو استذكار ميراث أهل بيت النبوة عليهم السلام ,معرفة كيفية تعايشهم مع فقراء المجتمع والانصات اليهم ..الفقراء هم أحباب الرسول الكريم عليه السلام وجلاسه ,لذا لاتنأى بنفسك عنهم فلست ضامنا للزمان والمكان , وتلك الايام نداولها ... .                         

جمال حسين مسلم          
21/4/2013

الاثنين، 15 أبريل 2013

السمؤال بن عادياء / من شعراء العرب اليهود

السموأل بن غريض بن عادياء شاعر جاهلي عربي يهودي حكيم واسمه معرب من الاسم العبري (عن العبرية شْمُوئِيل (שְׁמוּאֵל)، من شِيم: اسم، إِيلْ: الله، أي سمّاه الله).
عاش في النصف الأول من القرن السادس الميلادي. من سكان خيبر، كان يتنقل بينها وبين حصن له سماه الأبلق في تيماء وكان الأبلق قد بناه جده عادياء. أشهر شعره لاميته التي مطلعها:
إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضهفكـل رداء يرتـديه جـمــيل
البعض ينسب القصيدة لغيره. له ديوان صغير. اختلف في نسبه واسم أبيه اختلافا كبيرا فقيل هو من غسان من قبيلة الأزد وأنكر غسانيته وأزديته بعض النسابة [1] وقيل هو ابن يهودي وأمه من غسان من الازد وقيل بل هو عربي يهودي من بني الديان من قبيلة مذحج لافتخاره بهم في قصيدته وقوله:
فإن بني الديان قطب لقومهمتدور رحاهم حولهم وتحول
وهو الذي تنسب اٍليه قصة الوفاء مع امرئ القيس. حيث قدم اليه كبير شعراء الجاهلية (امرئ القيس بن حجر الكندي) وكان قد عجز عن الاخذ بثأر أبيه بعد تفرق العرب عنه وكان قد عزم الذهاب إلى قيصر الروم ليستنجد به لعل قيصر الروم يخرج معه جيشا يساعده على ذلك ,فذهب اولا إلى السمؤال وأمنه أدراعا ثمينة لا مثيل لها كما ترك عنده أهله وسار بعد ذلك امرئ القيس إلى قيصر الروم، وبعد ذلك طوق حصن السمؤال أحد الملوك ممن له ثأر على امرئ القيس، فسأله السمؤال عن سبب تطويقه لحصنه ؟ فقال الملك : سأغادر الحصن بمجرد تسليمي أدراع امرئ القيس وأهله، فرفض السمؤال ذلك رفضا قاطعا، وقال : "لا أخفر ذمتي وأخون أمانتي"، فظل الملك محاصرا الحصن حتى مل، وفي أثناء ذلك جاء أحد أبناء السمؤال من رحلة صيد وفي طريقه إلى الحصن قبض عليه الملك ونادى السمؤال : هذا ابنك معي فاما أن تسلمني مالديك واما أقتله ! ومع ذلك رفض السمؤال تسليم الأمانة فذبح ابنه أمام الحصن وعاد بجيشه من حيث أتي من غير أن يحصل على بغيته فقال السمؤال :

إِذا المَرءُ لَم يُدنَس مِنَ اللُؤمِ عِرضُهُ  

                   "فَكُلُّ رِداءٍ يَرتَديهِ جَميلُ
وَإِن هُوَ لَم يَحمِل عَلى النَفسِ ضَيمَها
                   "فَلَيسَ إِلى حُسنِ الثَناءِ سَبيلُ
تُعَيِّرُنا أَنّا قَليلٌ عَديدُنا"
                   "فَقُلتُ لَها إِنَّ الكِرامَ قَليلُ
وَما قَلَّ مَن كانَت بَقاياهُ مِثلَنا"
                   "شَبابٌ تَسامى لِلعُلى وَكُهولُ
وَما ضَرَّنا أَنّا قَليلٌ وَجارُنا"
                   "عَزيزٌ وَجارُ الأَكثَرينَ ذَليلُ
لَنا جَبَلٌ يَحتَلُّهُ مَن نُجيرُهُ"
                   "مَنيعٌ يَرُدُّ الطَرفَ وَهُوَ كَليلُ
رَسا أَصلُهُ تَحتَ الثَرى وَسَما بِهِ"
                   "إِلى النَجمِ فَرعٌ لا يُنالُ طَويلُ
هُوَ الأَبلَقُ الفَردُ الَّذي شاعَ ذِكرُهُ"
                   "يَعِزُّ عَلى مَن رامَهُ وَيَطولُ
وَإِنّا لَقَومٌ لا نَرى القَتلَ سُبَّةً"
                   "إِذا ما رَأَتهُ عامِرٌ وَسَلولُ
يُقَرِّبُ حُبُّ المَوتِ آجالَنا لَنا"
                   "وَتَكرَهُهُ آجالُهُم فَتَطولُ
وَما ماتَ مِنّا سَيِّدٌ حَتفَ أَنفِهِ"
                   "وَلا طُلَّ مِنّا حَيثُ كانَ قَتيلُ
تَسيلُ عَلى حَدِّ الظُباتِ نُفوسُنا"
                   "وَلَيسَت عَلى غَيرِ الظُباتِ تَسيلُ
صَفَونا فَلَم نَكدُر وَأَخلَصَ سِرَّنا"
                   "إِناثٌ أَطابَت حَملَنا وَفُحولُ
عَلَونا إِلى خَيرِ الظُهورِ وَحَطَّنا"
                   "لِوَقتٍ إِلى خَيرِ البُطونِ نُزولُ
فَنَحنُ كَماءِ المُزنِ ما في نِصابِنا"
                   "كَهامٌ وَلا فينا يُعَدُّ بَخيلُ
وَنُنكِرُ إِن شِئنا عَلى الناسِ قَولَهُم"
                   "وَلا يُنكِرونَ القَولَ حينَ نَقولُ
إِذا سَيِّدٌ مِنّا خَلا قامَ سَيِّدٌ"
                   "قَؤُولٌ لِما قالَ الكِرامُ فَعُولُ
وَما أُخمِدَت نارٌ لَنا دونَ طارِقٍ"
                   "وَلا ذَمَّنا في النازِلينَ نَزيلُ
وَأَيّامُنا مَشهورَةٌ في عَدُوِّنا"
                   "لَها غُرَرٌ مَعلومَةٌ وَحُجولُ
وَأَسيافُنا في كُلِّ شَرقٍ وَمَغرِبٍ"
                   "بِها مِن قِراعِ الدارِعينَ فُلولُ
مُعَوَّدَةٌ أَلّا تُسَلَّ نِصالُها"
                   "فَتُغمَدَ حَتّى يُستَباحَ قَبيلُ
سَلي إِن جَهِلتِ الناسَ عَنّا وَعَنهُمُ"
                   "فَلَيسَ سَواءً عالِمٌ وَجَهولُ
فَإِنَّ بَني الرَيّانِ قَطبٌ لِقَومِهِم"
                   "تَدورُ رَحاهُم حَولَهُم وَتَجولُ 


للنّاصرية…رعد السّيفي للنّاصريةِ..للنّاصريةْو مسيلُ نهرِ الدّمِ. يُسْقِطُ منْ سماءِ الجسرِ              أقماراً نديّةْ خُذْ يا صديقي دمعتي                  للنّاصريةْلمدينتي الأُخرى،لأمواجِ الفراتِ تَبلُّ أضلاعي بحزنِ الماءِ في..             فجرِ الدّماءْخُذني إلى لُغةِ المواقدِ، للكوانينِ العتيقةِ،للمسلّاتِ التّي تتأبطُ الأيامَ أسئلةً،و أسراراً، لِتَصعدَ حيثُ مرقى النّورِ          في الأرضِ النّبيةْ لقداسةِ الجسدِ المسَجّى فوقَ لؤلؤةِ الرّمادِ،لذلك الحزنِ المعَشِّشِ في زوايا الرّوحِيتركُ فوقَ غُصنِ نهاري المكسورِ وردَ الدّمعِ     في النّارِ النّديةْ!لتمائمِ الأرضِ التّي ظَلَّتْ مُعَلَّقةً بجيدِ الموجِ تحرسُ وحشةَ الماءِ الغريبِ مِنَ الحجرْ!لمضيفها الضوئيتسبقُهُ الشّوارعُ، و البساتينُ الفسيحةُ،و البيوتْ لعبيرِ قهوتِها المهَيَّلِ،و هو يُحييْ نكهةَ الحزنِ الحميمِ هناكَ؛حيثُ تمرُّ حنجرةُ الغناءِ بما تيسَّر من رمادِ الروحِ في ذكرى الخفوتْلروافدِ النّهرِ التّي ما انّفَكَ فيها الليلُ يسرجُ للمدينةِ…ما تبقّى من قناديلِ الكواكبِ،و الصّواري السّاهراتِعلى ظلاماتِ الجسورْ!خُذْ يا صديقي دمعتي..لا تهجعُ الكلماتُ في محرابِ ذاكَ الّليلِ..ساهرةٌ معي؛في دمعةِ الزّيتونِ؛يذرفُ أوّلَ الأحلامِ في شغفِ الّلذائذِ نحو علياءِ القبورْ! خُذْني فليسَ هناكَ من معنى لهذا الصوتِ في طُرقِ المدينةِ حينَ يسألُني نشيجُ النّهرِ عن قمرٍ تكسَّرَ في الجذورْ قدْ كانَ يحنو؛كي يعيذَ مواكبَ الأمواجِ      بالأنسامِ من قَنّاصةِ الرّيحِ الغريبةِوهي تُوغِلُ في النّحور!!تلُّ الجنائزِ يطرقُ الأب وابَ يُشْعِلُ في الرؤى غيمَ العذابِ المرَّفي عبثِ الظّلامْ تتفتّحُ الطُرقاتُ عن حشدٍ من الأرواحِ؛تبحثُ في بياضِ الفجرِعن حُلُمٍ ذبيحْ!قَدْ كانَ ينسجُ من حكايا الّليلِ لأغنيةً…لطيرِ الماءِفي النّهرِ الضريحْ!ركضت إلى اللا أينَتسحبُ رغبةَ الأنفاسِفي جثثٍ تُلوّحُ للنّهايةِ،             و هي تنأى؛إِذْ تَمرُّ هناكَ فوقَ أصابعِ الفجرِ الجريحْ!كانَ انتظارُ الموتِ يُشْبهُ شهقةً..ما كادَ يُطْلقُهامسيلُ الدّمِ كي يصحو؛ليغرقَ في سُباتِ الوقتِ حتّى يستريحْ!تلكَ المدينةُ..لم تزلْ تتوشّحُ الحزنَ النّبيْ من أوّلِ الأسماءِتغتسلُ الحروفُ بمائِهاحتّى هطولِ الحُلْمِ في ليلِ البنفسجِ، و هو يغرقُ في الدّماءْ!تلك المدينةُ..أجَّجَتْ في الّليلِ حزنَ الرّيحِ في الوطنِ الجريحْ معراجُها للشّمسِ يكبُرُ في دمي صرخاتُ قلبٍكُلَّما وَطَّنْتُها؛تَرْتَدُّ ثانيةً تصيحْ:قَدْ عادَ شيطانُ الرّمادِ بشهوةٍ وحشيّةٍ؛لتفوحَ عندَ الفجرِ رائحةُ الذّئابِ                         فصيحةً!!من صبحنا المذبوحِ، فوقَ الجسرِ،  في الأرضِ النّبيةْللنّاصريةِ...للنّاصريةْهذا غناءُ الرّوحِ..مَنْ يبكي هُناكَ كأنّما يبكي..مفاتيحَ الجِنانِ، و حكمةَ المدنِ القَصيّةْقَدْ راحَ يبكي الماءَ،و النّهرَ المسيّج بالشّموعْ يبكي اغترابَ الرّيحِ في الأبراجِ،فَيْضَ الكُحْلِ، مرتعشاً،    على سوطِ الدّموعْ قَدْ راحَ يبكيني بأفئدةٍ تُفَتِّشُ في مسيلِ الدّمِ عن سرٍّ تبرعمَمن شفاهِ الجرحِ لمْ يَمسَسْهُ خوفٌ خُطَّ في سِفْر الخشوعْ قَدْ ظَلَّ يصدحُ وحدُهُ للنّاصريةِ…لمْ يزلْ عطشُ الشّفاهِ،ولم تزلْكفّايَ آنيةً من الفخّارِتنضحُ،في اشتهاءِ الشّمسِ،                 جَنّةَ مائِها؛لتُبلَّ فوقَ الجسرِ        ذاكرةَ السّطوعْ٢٠١٩/١١/٣٠هيوستن