السبت، 17 سبتمبر 2016

كاظم جواد في قصيدته ( مشهد )

سيرة الشاعر:
كاظم بن جواد بن عفون العارضي.
ولد في مدينة الناصرية ( العراق) - وتوفي في برلين.
عاش حياته في العراق وألمانيا.
بدأ في تلقي تعليمه الابتدائي منذ عام 1934، وفي عام 1947 حصل على الشهادة الثانوية من ثانوية الناصرية.
عين كاتبًا في دائرة طابو الناصرية (السجل العقاري) ثم كاتبًا في معهد الفنون الجميلة ببغداد. ثم واصل دراسته في كلية الحقوق في العام ذاته، وتخرج فيها عام 1952.
أتاح له عمله في معهد الفنون الجميلة الاطلاع على ما في مكتبته من كتب ودواوين فأفاد من ذلك إفادة كبيرة، وفي عام 1952 أسهم في تحرير مجلة الأسبوع الأدبية، فأتاح له ذلك الالتقاء بعدد كبير من شعراء العراق وأدبائه، وتم فصله من وظيفته الحكومية عام 1956، فعمل مدرسًا في بعض المدارس الأهلية، حتى رحل إلى سورية بمعاونة بعض أصدقائه حيث عمل مدرسًا في مدينة حلب، ومن هناك أتيح له السفر لحضور عدد من المهرجانات العالمية في الاتحاد السوفيتي السابق ممثلاً للعراق، مما كان له الأثر في توجهاته السياسية فاندفع إلى أقصى اليسار فكريًا. وبعد عودته إلى حلب أخذ يعمق ثقافته الإنجليزية، وكتب أجود قصائده، ثم عاد إلى العراق، وعمل في وزارة الإرشاد منقولاً من وزارة التربية، ثم عمل ملحقًا صحفيًا في السفارة العراقية بواشنطن، عاد بعدها إلى بغداد (1960) ليعمل في مديرية التعاون الثقافي الفني بوزارة الثقافة والإعلام فترة امتدت من عام 1960 حتى يوليه عام 1970، وفي عام 1971 عين ملحقًا صحفيًا في الهند لمدة عام، عاد بعده إلى وزارة الثقافة والإعلام ليشغل مناصب عدة. وفي العام نفسه قرر الاستقرار في «برلين» طالبًا إحالته إلى التقاعد، فوافقت وزارته، ليعود إلى نظم الشعر، ونشره.
ثلاثة من حرس الليل السكارى
سمعوا الشهيق
وصيحة الخنجر في الطريق ..
في طرف الشارع صيحات مشاجرة
وخنجر ملطخ بالطين والدماء ..
ثلاثة من حرس الليل السكارى
هبطوا الطريق
كانوا يشاهدون ظل الصيحة ،
الحمراء والخنجر والبريق
مروا سراعا في زوايا الليل
لاتبصرهم عيون
كانوا يقهقهون

أجل ، أجل ، كانوا يقهقهون ..
الإنتاج الشعري:
- له ديوان «من أغاني الحرية» - دار العلم للملايين - بيروت 1960، وأورد له كتاب: «كاظم جواد حياته وآثاره» العديد من القصائد، ونشر قصيدة: «هوامش لأشعار ولادة المستكفي» - في جريدة الجمهورية - بغداد - 13 من يناير 1979.

للنّاصرية…رعد السّيفي للنّاصريةِ..للنّاصريةْو مسيلُ نهرِ الدّمِ. يُسْقِطُ منْ سماءِ الجسرِ              أقماراً نديّةْ خُذْ يا صديقي دمعتي                  للنّاصريةْلمدينتي الأُخرى،لأمواجِ الفراتِ تَبلُّ أضلاعي بحزنِ الماءِ في..             فجرِ الدّماءْخُذني إلى لُغةِ المواقدِ، للكوانينِ العتيقةِ،للمسلّاتِ التّي تتأبطُ الأيامَ أسئلةً،و أسراراً، لِتَصعدَ حيثُ مرقى النّورِ          في الأرضِ النّبيةْ لقداسةِ الجسدِ المسَجّى فوقَ لؤلؤةِ الرّمادِ،لذلك الحزنِ المعَشِّشِ في زوايا الرّوحِيتركُ فوقَ غُصنِ نهاري المكسورِ وردَ الدّمعِ     في النّارِ النّديةْ!لتمائمِ الأرضِ التّي ظَلَّتْ مُعَلَّقةً بجيدِ الموجِ تحرسُ وحشةَ الماءِ الغريبِ مِنَ الحجرْ!لمضيفها الضوئيتسبقُهُ الشّوارعُ، و البساتينُ الفسيحةُ،و البيوتْ لعبيرِ قهوتِها المهَيَّلِ،و هو يُحييْ نكهةَ الحزنِ الحميمِ هناكَ؛حيثُ تمرُّ حنجرةُ الغناءِ بما تيسَّر من رمادِ الروحِ في ذكرى الخفوتْلروافدِ النّهرِ التّي ما انّفَكَ فيها الليلُ يسرجُ للمدينةِ…ما تبقّى من قناديلِ الكواكبِ،و الصّواري السّاهراتِعلى ظلاماتِ الجسورْ!خُذْ يا صديقي دمعتي..لا تهجعُ الكلماتُ في محرابِ ذاكَ الّليلِ..ساهرةٌ معي؛في دمعةِ الزّيتونِ؛يذرفُ أوّلَ الأحلامِ في شغفِ الّلذائذِ نحو علياءِ القبورْ! خُذْني فليسَ هناكَ من معنى لهذا الصوتِ في طُرقِ المدينةِ حينَ يسألُني نشيجُ النّهرِ عن قمرٍ تكسَّرَ في الجذورْ قدْ كانَ يحنو؛كي يعيذَ مواكبَ الأمواجِ      بالأنسامِ من قَنّاصةِ الرّيحِ الغريبةِوهي تُوغِلُ في النّحور!!تلُّ الجنائزِ يطرقُ الأب وابَ يُشْعِلُ في الرؤى غيمَ العذابِ المرَّفي عبثِ الظّلامْ تتفتّحُ الطُرقاتُ عن حشدٍ من الأرواحِ؛تبحثُ في بياضِ الفجرِعن حُلُمٍ ذبيحْ!قَدْ كانَ ينسجُ من حكايا الّليلِ لأغنيةً…لطيرِ الماءِفي النّهرِ الضريحْ!ركضت إلى اللا أينَتسحبُ رغبةَ الأنفاسِفي جثثٍ تُلوّحُ للنّهايةِ،             و هي تنأى؛إِذْ تَمرُّ هناكَ فوقَ أصابعِ الفجرِ الجريحْ!كانَ انتظارُ الموتِ يُشْبهُ شهقةً..ما كادَ يُطْلقُهامسيلُ الدّمِ كي يصحو؛ليغرقَ في سُباتِ الوقتِ حتّى يستريحْ!تلكَ المدينةُ..لم تزلْ تتوشّحُ الحزنَ النّبيْ من أوّلِ الأسماءِتغتسلُ الحروفُ بمائِهاحتّى هطولِ الحُلْمِ في ليلِ البنفسجِ، و هو يغرقُ في الدّماءْ!تلك المدينةُ..أجَّجَتْ في الّليلِ حزنَ الرّيحِ في الوطنِ الجريحْ معراجُها للشّمسِ يكبُرُ في دمي صرخاتُ قلبٍكُلَّما وَطَّنْتُها؛تَرْتَدُّ ثانيةً تصيحْ:قَدْ عادَ شيطانُ الرّمادِ بشهوةٍ وحشيّةٍ؛لتفوحَ عندَ الفجرِ رائحةُ الذّئابِ                         فصيحةً!!من صبحنا المذبوحِ، فوقَ الجسرِ،  في الأرضِ النّبيةْللنّاصريةِ...للنّاصريةْهذا غناءُ الرّوحِ..مَنْ يبكي هُناكَ كأنّما يبكي..مفاتيحَ الجِنانِ، و حكمةَ المدنِ القَصيّةْقَدْ راحَ يبكي الماءَ،و النّهرَ المسيّج بالشّموعْ يبكي اغترابَ الرّيحِ في الأبراجِ،فَيْضَ الكُحْلِ، مرتعشاً،    على سوطِ الدّموعْ قَدْ راحَ يبكيني بأفئدةٍ تُفَتِّشُ في مسيلِ الدّمِ عن سرٍّ تبرعمَمن شفاهِ الجرحِ لمْ يَمسَسْهُ خوفٌ خُطَّ في سِفْر الخشوعْ قَدْ ظَلَّ يصدحُ وحدُهُ للنّاصريةِ…لمْ يزلْ عطشُ الشّفاهِ،ولم تزلْكفّايَ آنيةً من الفخّارِتنضحُ،في اشتهاءِ الشّمسِ،                 جَنّةَ مائِها؛لتُبلَّ فوقَ الجسرِ        ذاكرةَ السّطوعْ٢٠١٩/١١/٣٠هيوستن