مجموعة ممن وصفهم الخليفة الراشدي علي بن ابي
طالب كرم الله وجهه بأخوة لنا في الدين أو مثيل لنا في الخلق ,يستقلون حافلة تعبر الطرق الرملية متوجهة إلى
دير من الديار المسيحية القبطية في المنيا / مصر العربية , الاديرة المتخصصة
للعزلة والعبادة ,كانوا مجرد أناس بسطاء يحلمون بمغفرة من الرب العظيم القدير
ويتوسلون بعيسى عليه السلام وأمه البتول من أجل قبول المغفرة والاحسان ,فتلقفتهم
الأيادي الغادرة من أصحاب الرايات السوداء وأنزلتهم من مراكبهم وأعدمتهم في وسط
الصحراء ,وأختلطت الدماء البريئة برمال
الصحراء وشمسها المحرقة ,هكذا كان مشهد الاستهلال برمضان الشهر المبارك لدى
المسلمين ,شهر المغفرة والرحمة والتوبة , والواقع يقول بأنه ليس العمل الاول
الدموي في مصر أو المنطقة برمتها ولن يكون الاخير ..ولكن توقيتات العمل وطريقة
اعداده لهما دلالات واسعة وأهداف مريبة
..فمصر التي لاتزال بفضل من الله ومنته تحافظ على وحدة أراضيها وتماسك شعبها تتعرض
بين الحين والاخر إلى ضربات موجعة ومخططات مشبوهة تستهدف وحدة الاراضي
المصرية وتفريق ابناء الشعب ,فمصر التي
تحاط بمجموعة كبيرة من الاحداث المؤسفة على صعيد الوضع العربي أوالاقليمي تتأثرُ بماجرى
من تقسيم وتفكك للسودان واليمن والعراق وسوريا وليبيا , تتعرض في الوقت نفسه
لتجاذبات اقليمية كبيرة , تحاول أنْ تجعل من مصر جسرا لايدلوجياتها المشبوهة
,مستغلة سوء الظروف الاجتماعية التي تحيط بالشعب المصري منذ اكثر من ثلاث سنين
...وما مصر إلا عمود الخيمة العربية , التي تآكلت من الاطراف ,فحفظ مصر حفظ لقلب
الامة العربية النابض وحفظ لقيضتها المركزية الفلسطينية , مهما اختلفنا في شأن
الظام المصري الحالي وطريقة ادارته لامور الداخلية والخارجية ... اما قضية ذبح
مجموعة المسيحين المصريين الاقباط في أول ساعات رمضان وعلى طريق صحراوي ,فهي
لاتستحق منا هذه الموجة الشديدة من الاستنكار والشجب والادانة ؛لاننا وبكل بساطة
قد تعودنا على استخدام هذه الالفاظ وألفناها بمناسبة وبغير مناسبة ,وكأنها العلاج
الحقيقي والفعال للقضاء على هذا الداء السرطاني المميت ,وانما الشجب والاستنكار
والبرقيات الحزينة يجب ان تصاحب بأمرين أولهما وهو الافضل وقد تمثل بالرد المصري العسكري الذي لم يتهاون في قصف
الاوكار العدوانية على الاراضي الليبية ولاسيما في مدينة درنة وقد صحب هذا العمل
العسكري الجوي المصري – اللبيبي ,بيانا هاما من القيادة السياسية المصرية والتي
اوضحت جزءا من حقيقة إيواء بعض الدول للفكر الارهابي ودعمه لوجستيا وتقديم كل
المعونات له ,ويجب التذكير ان الذي ذكر هو جزء من الحقيقة لان القيادة المصرية
اغفلت اسماء دول اخرى مشتركة بهذا الفعل الاجرامي , لاسباب تتعلق بمصالح الحكومة المصرية
نفسها..وليس الشعب المصري...أما الامر الثاني والذي نخشى الخوض فيه ؛ لعديد
الاسباب , فهو موضوعة الفقه التكفيري في الاسلام ومسألة نقد التراث أو نقد النص
الديني نفسه والسماح بحرية الرأي للمقابل ,فقد بقيت كتب التراث بمختلف مشاربها
واسمائها مقدسة الوجود غير قابلة للنقد او التغيير وانْ عَرضت على العقل فتعرض عند
اصحباها وكأن الحوار لايصلح الا بطرف واحد ونسميه حوارا..!! وبذلك تكون قضية
الحوار في موضوعة نقد النص التراثي التكفيري وغير التكفيري مازالت محاطة بضبابية
كبيرة وغير قابلة للنقاش إلا عند بعض الافراد والمفكرين من الذين استعدوا للمجازفة
بحياتهم مقابل حرية الرأي التي يتمتعون بها...فقتل الاقباط وغير الاقباط من بركات
دعاء بعض أئمة الجوامع العلنية على الصابئة واليهود والنصارى وهؤلاء الائمة لم يأتوا بجديد ؛لان بطون التراث
مشبعة بهذه الافكار. والتي لها ادلتها
وحججها , التي نحجم جميعا عن ادانتها وتشخيصها , فما بالك بالتخلص منها...
جمال حسين مسلم