الأربعاء، 14 يناير 2015

شتاءُ دمشق الرابع



هناك في الأزقة الضيقة الجميلة , تشم عطر  التاريخ  وعطر الورود مع نسمات الصباح الجميل ..الجميع منهمك في الوصول إلى عمله والزحمة في شوارع  دمشق من أجمل المناظر  ...الجمال  يشع  نورا من عيون الشاميات ومن وجوههن الصبوحة  تعلو الابتسامة , الحب  على مٌحيا الجميع دون استثناء , لا أحد مثلي يعرف  زقزقة العصافير الصباحية  في ساحة الأموين ولا أحد مثلي يحب الأزقة في الشام ...على سفوح الجبال الخضراء تعرف انّ أجمل العواصم الخضراء لاتعني لك شيئا حين تملك وطنا حقيقيا على سفح أخضر سوري أو في ضيعة رائعة الجمال ....الصبايا تدور في الشوارع بعد انتهاء المدارس مبشرة بجيلٍ رائع جديد ..التاريخ على جدران الكنائس يؤرخ للعربية  التي قدمت قبل الفتوحات ويذكر بالمطابع التي علمت الوطن بشقيه الغربي والشرقي الصحافة والنشر ..كل شيء  مذكور و معلق في قصيدة مذهبة اشترك بها الماغوط وقباني وادونيس وحنا مينه ودريد لحام ....عُلقت على جدار التاريخ وستبقى مادام للشام فيروزا تغني ..هناك فقط تعرف ان الجمال نسبي ومطلق في آن واحد , في الشام  يمتزج التعريفان لينتجا لوحة خاصة بهذا البلد ..وبحبيبتي دمشق لاغير .                                                                                                                   
الذئابُ حطتْ رحالها أخيرا في بلاد الشام . ففي صبيحة  يوم  حالك السواد سمعتُ صوت قذائف الهاون  يرعب  العصافير  مع أول حبات الندى على الزهور الجميلة...وبعيد  دوي أول القذائف , طارت العصافير من الاشجار وهي تصدر زقزة غريبة  عجيبة ,  كأني سمعتها تتعذب ....كان منظرا سرياليا لم ولن انساه حين اختلط في اذني صوت الهاون مع صوت العصافير الفزعة  , الهاربة من الاشجار ...حينها تأكدت بأن الذئاب قادمة ولاشك في ذلك.                                                                                                 
حطّ رحاله الشتاء الرابع , لابسا حلة ثلجية غير معهودة من قبل , يلاطف بها مشاعر الملايين من المهجرين في لبنان والاردن وتركيا والعراق .. فرض حصارا مميتا بأسلحته الثلجية الفتاكة على الأطفال  مهددا إياهم بعدم الخروج من الخيمة الممزقة أصلا  ,وإلا  فالموت  في ساحات اللعب هو الخيار الوحيد ..وإنْ كان الموت ذاته من أفضل الخيارات المطروحة في أحلامهم ومنذ ثلاث زيارات سابقة للشتاء ,الذي أذل الشيوخ في سنين عمرهم الأخيرة وجمد الأنامل الرقيقة , الشتاء الرابع هو الذي بعث اليأس بكل ألوانه القاتمة في نفوس الأمهات ... هكذا حلّ عليهم الشتاء الرابع  محملا بالثلوج التي لاترحم ولاترأف بأحد..مضت  اربعة أعوام  , وهم يتوسلون  القدر للعودة إلى ديارهم , ولكن لا الحرب وضعت أوزارها ولا دول اللجؤ تسمح لهم بالعودة ولا أحد يتذكرهم ...                                                                                                            
هناك في الفنادق  البعيدة من الدرجة الاولى يتمتخر السياسيون  ,عفوا , أقصد التجار ...بمشيتهم  كالطاووس ولكنهم يقفون في حالة استعداد حين يتخطاهم  الأوربي  وكأنهم في صف الكتيبة العسكرية, ويتواضعون كل التواضع اذا ما رأوا شيخا من الخليج  ؛ لكي ينالوا رضاه لعله يتأثر ويغدق عليهم مما تبقى في حقيبته...الجميع يرفع الشعارات  والجميع يستعد للقتل والجميع يدخل التاريخ من بوابته السوداء ... حرب التصريحات نهارا وحلم المقاولات والنهب  ليلا... أأنتم معارضون لهذا الجمال الكوني !!! يصلبون المسيح الف مرة على ألف جذع                                                                                                                      
استودعك الله  حبيبتي دمشق , وأنا اقف على الرصيف الآخير أحلم بصوت يهاتفني ويلغي تأشيرة الرحيل الأخيرة ..ولكن لاجدوى  فالذئاب  استوطنوا هناك وما عاد في الأفق أملا ..لقد ( قوسوا الغُنية ),يامال الشام يالله يمالي ,طال...يحلوة تعالي..نحتكم إلى الله حبيبتي دمشق ..                                              .                                                             

هناك تعليق واحد:

للنّاصرية…رعد السّيفي للنّاصريةِ..للنّاصريةْو مسيلُ نهرِ الدّمِ. يُسْقِطُ منْ سماءِ الجسرِ              أقماراً نديّةْ خُذْ يا صديقي دمعتي                  للنّاصريةْلمدينتي الأُخرى،لأمواجِ الفراتِ تَبلُّ أضلاعي بحزنِ الماءِ في..             فجرِ الدّماءْخُذني إلى لُغةِ المواقدِ، للكوانينِ العتيقةِ،للمسلّاتِ التّي تتأبطُ الأيامَ أسئلةً،و أسراراً، لِتَصعدَ حيثُ مرقى النّورِ          في الأرضِ النّبيةْ لقداسةِ الجسدِ المسَجّى فوقَ لؤلؤةِ الرّمادِ،لذلك الحزنِ المعَشِّشِ في زوايا الرّوحِيتركُ فوقَ غُصنِ نهاري المكسورِ وردَ الدّمعِ     في النّارِ النّديةْ!لتمائمِ الأرضِ التّي ظَلَّتْ مُعَلَّقةً بجيدِ الموجِ تحرسُ وحشةَ الماءِ الغريبِ مِنَ الحجرْ!لمضيفها الضوئيتسبقُهُ الشّوارعُ، و البساتينُ الفسيحةُ،و البيوتْ لعبيرِ قهوتِها المهَيَّلِ،و هو يُحييْ نكهةَ الحزنِ الحميمِ هناكَ؛حيثُ تمرُّ حنجرةُ الغناءِ بما تيسَّر من رمادِ الروحِ في ذكرى الخفوتْلروافدِ النّهرِ التّي ما انّفَكَ فيها الليلُ يسرجُ للمدينةِ…ما تبقّى من قناديلِ الكواكبِ،و الصّواري السّاهراتِعلى ظلاماتِ الجسورْ!خُذْ يا صديقي دمعتي..لا تهجعُ الكلماتُ في محرابِ ذاكَ الّليلِ..ساهرةٌ معي؛في دمعةِ الزّيتونِ؛يذرفُ أوّلَ الأحلامِ في شغفِ الّلذائذِ نحو علياءِ القبورْ! خُذْني فليسَ هناكَ من معنى لهذا الصوتِ في طُرقِ المدينةِ حينَ يسألُني نشيجُ النّهرِ عن قمرٍ تكسَّرَ في الجذورْ قدْ كانَ يحنو؛كي يعيذَ مواكبَ الأمواجِ      بالأنسامِ من قَنّاصةِ الرّيحِ الغريبةِوهي تُوغِلُ في النّحور!!تلُّ الجنائزِ يطرقُ الأب وابَ يُشْعِلُ في الرؤى غيمَ العذابِ المرَّفي عبثِ الظّلامْ تتفتّحُ الطُرقاتُ عن حشدٍ من الأرواحِ؛تبحثُ في بياضِ الفجرِعن حُلُمٍ ذبيحْ!قَدْ كانَ ينسجُ من حكايا الّليلِ لأغنيةً…لطيرِ الماءِفي النّهرِ الضريحْ!ركضت إلى اللا أينَتسحبُ رغبةَ الأنفاسِفي جثثٍ تُلوّحُ للنّهايةِ،             و هي تنأى؛إِذْ تَمرُّ هناكَ فوقَ أصابعِ الفجرِ الجريحْ!كانَ انتظارُ الموتِ يُشْبهُ شهقةً..ما كادَ يُطْلقُهامسيلُ الدّمِ كي يصحو؛ليغرقَ في سُباتِ الوقتِ حتّى يستريحْ!تلكَ المدينةُ..لم تزلْ تتوشّحُ الحزنَ النّبيْ من أوّلِ الأسماءِتغتسلُ الحروفُ بمائِهاحتّى هطولِ الحُلْمِ في ليلِ البنفسجِ، و هو يغرقُ في الدّماءْ!تلك المدينةُ..أجَّجَتْ في الّليلِ حزنَ الرّيحِ في الوطنِ الجريحْ معراجُها للشّمسِ يكبُرُ في دمي صرخاتُ قلبٍكُلَّما وَطَّنْتُها؛تَرْتَدُّ ثانيةً تصيحْ:قَدْ عادَ شيطانُ الرّمادِ بشهوةٍ وحشيّةٍ؛لتفوحَ عندَ الفجرِ رائحةُ الذّئابِ                         فصيحةً!!من صبحنا المذبوحِ، فوقَ الجسرِ،  في الأرضِ النّبيةْللنّاصريةِ...للنّاصريةْهذا غناءُ الرّوحِ..مَنْ يبكي هُناكَ كأنّما يبكي..مفاتيحَ الجِنانِ، و حكمةَ المدنِ القَصيّةْقَدْ راحَ يبكي الماءَ،و النّهرَ المسيّج بالشّموعْ يبكي اغترابَ الرّيحِ في الأبراجِ،فَيْضَ الكُحْلِ، مرتعشاً،    على سوطِ الدّموعْ قَدْ راحَ يبكيني بأفئدةٍ تُفَتِّشُ في مسيلِ الدّمِ عن سرٍّ تبرعمَمن شفاهِ الجرحِ لمْ يَمسَسْهُ خوفٌ خُطَّ في سِفْر الخشوعْ قَدْ ظَلَّ يصدحُ وحدُهُ للنّاصريةِ…لمْ يزلْ عطشُ الشّفاهِ،ولم تزلْكفّايَ آنيةً من الفخّارِتنضحُ،في اشتهاءِ الشّمسِ،                 جَنّةَ مائِها؛لتُبلَّ فوقَ الجسرِ        ذاكرةَ السّطوعْ٢٠١٩/١١/٣٠هيوستن