الاثنين، 8 يونيو 2015

أضمُ صوتي لصوت عبادي العماري

      
يعد الفنان الكبير صاحب الصوت الشجي عبادي العماري  ,أفضل وأهم شخصية مدنية في تاريخ العراق الحديث , طالبت بالوقوف علانية بوجه ظاهرة (الفصلية ) ؛وذلك للاثر الكبير الذي تركته كلمات تلك الاغنية الجميلة والمؤثرة جدا , أغنية الفصلية من تأليف وألحان الراحل عبادي العماري ,حيث تتحدث  بصدق كامل عن حالة المرأة الفصلية في العرف العشائري العراقي..!!! ولا ادري من أين يبدأ الحديث .. هل يبدأ عن الفصلية أولا  أو عن دور عبادي العماري في تاريخ الفن العراقي الريفي وأهمية كتابته لنص أغنية الفصلية الشهيرة ..والتي تعالج موضوعة اجتماعية كبيرة  وخطيرة جدا في وقتها وفي الوقت الحالي  كذلك...موضوعة  وهب امرأة لعشيرة أخرى بمثابة الدية المتعارف عليها...على أنْ توهب تلك المرأة بدون أي مراسم اجتماعية مثل مايحدث في الزواج مثلا ..ويكون مصيرها بيد زعيم العشيرة الثانية في تحديد مكانها وصفتها الجديدة..وستبقى مابقي لها من العمر هناك و تعامل بامتهان واحتقار شديد..لانها مجرد  { فصلية } وريما يحدث ان توهب اكثر من امرأة في حادث واحد ...وهو أمر لايحتاج إلى كثير من التعريف لانه  ببساطة أمر لاينسجم مع  أية شريعة ولاحقوق انسان ولاحقوق حيوان حتى ..!!!  هذا الموضوع كان متفشيا في العراق  في القرن الماضي وخاصة السبعينيات وماقبلها ,لكن هذه الظاهرة المقرفة كادت أنْ تختفي بعد سيطرت النظام السابق الأمنية على كل مجريات الأمور في العراق ,فقد اختفى صوت العشائر وكاد أنْ يتلاشى .. أما اليوم وبعد العراق 2003م ,عادت العشائر إلى الوجود كقوة اجتماعية وبشرية كبيرة ولاسيما بعد غياب القانون من الشارع العراقي وشعور الانسان أن لاملجأ له إلا العشيرة أو الانتماء لجماعية حزبية معينة..ومع هذا الشعور الشديد بالخوف . انطلقت العشائرية من جديد متسلحة بكثير من الاسلحة الفتاكة ومن أهمها رأس المال  و السلطة وحمل السلاح والقدرة على الاعتداء على الاخرين ....وعادت مع عودة القوة العشائرية ظاهرة الفصل العشائري وفي مقدمتها { المرأة الفصلية } , يحدث هذا في وقت تكتسح العالم بأجمعه تكنولوجيا الاتصالات  تلك الثورة المرعبة والتي انتجت لنا وسائل التواصل الاجتماعي..حيث بلغت مبلغ القمة وبسرعة البرق ,لتضع الفرد في أي مكان يحتاج  الاطلاع عليه من خلال ضغطت زر واحدة...بالمقابل يشهد الجانب الانساني في العراق تراجعا مخيفا ومهولا ...نتج عنه في أخر صيحاته { المرأة الفصلية } ,مع أن ذلك يمثل تناقضا حادا في بنية المجتمع الذي ينخرط تحت وصاية المؤسسات الدينية بشكل كبير وغير قابل للنقاش ,  ومن جهة ثانية يثير استغرابي  غياب  رجال الدين واعلامهم و فضائياتهم عن هذه المشكلة ,وغيابهم لافت للنظر , الا يستحق الموضوع فتوى دينية واضحة وصريحة.وكأن الجميع لايحبذ الاصطدام بالصوت العشائري .وبنفس الطريقة يختفي البرلمان العراقي ,بوصفه المشرع الاول في البلاد ,ويغط في نوم عميق ,ولانجد صوتا مميزا يطالب بوقف هذه الظاهرة وتشريع قوانين تحد منها أو تحاسب عليها..                                                      

فما بقي لي إلا ان أضم صوتي لصوت المطرب الكبير الراحل عبادي العماري لهذه الالتفاتة النوعية والجريئة والمتقدمة على زمنها , التي اجاد بها وصف قصة المرأة الفصلية  والتبعات الاجتماعية من ذلك الفعل الشائن وأنا ألمسُ كلمات الاغنية وأوجاع المرأة الفصلية .. أتوجه بالشكر لعبادي العماري شاعرا وملحنا ومغنيا ولشرهان كاطع وعازف الكمان فالح حسن..لكونهم اقتحموا هذا المجال وافردوا له عملا فنيا كبيرا يضاهي ويتفوق على  جميع أصوات الاستنكار البائسة....وشكرا أيضا لمدينة المجر في محافظة ميسان لولادتها فنانا كبيرا مجددا في الغناء الريفي الا وهو الراحل عبادي العماري واشكر مدينة الثورة أيضا التي احتضنته بكل حنانها ولطفها حتى رحل عنها..ولم ترحل معه هذه الظاهرة اللاانسانية..                                           

هناك تعليق واحد:

  1. من المعروف أن البلدان التي تتعرض للاجتياح والغزو الأجنبي أو الحروب - لا سيما تلك الحروب الدينية أو المذهبية التي تشهدها مجتمعاتنا العربية الإسلامية إن صح التعبير – سرعان ما تنتشر الفوضى فيها وتعم بشكل كبير خاصة إذا كانت تلك البلدان لا زالت تعاني من العادات القبلية وموروثاتها ، إلا أن قمع هذه الظاهرة الفاسدة لا يكون إلا بإرادة قوية وعزيمة من ولي أمر المرأة الفصلية وذويها على أن تتحد معه ومعهم باقي أصوات أبناء القبيلة الواحدة لنبذ مثل هذه الظاهرة العنفية وتجنب تبعاتها وانعكاساتها لما فيه من تدمير وامتهان واحتقار لشخصية المرأة أولا ، وإذلال وعبودية للقبيلة التي ترضخ وتقدم المرأة الفصلية ولما فيه من تخلف وتراجع وتردي للمجتمعات ، ومع كل ذلك لا بد من وقفة جريئة من أصحاب الأقلام الحرة والضمائر الحية والجهات المعنية بهذه الأمور لخلع هذه العادات والتقاليد البالية التي تعود بالمجتمعات إلى ما قبل عصر الجاهلية .

    ردحذف

للنّاصرية…رعد السّيفي للنّاصريةِ..للنّاصريةْو مسيلُ نهرِ الدّمِ. يُسْقِطُ منْ سماءِ الجسرِ              أقماراً نديّةْ خُذْ يا صديقي دمعتي                  للنّاصريةْلمدينتي الأُخرى،لأمواجِ الفراتِ تَبلُّ أضلاعي بحزنِ الماءِ في..             فجرِ الدّماءْخُذني إلى لُغةِ المواقدِ، للكوانينِ العتيقةِ،للمسلّاتِ التّي تتأبطُ الأيامَ أسئلةً،و أسراراً، لِتَصعدَ حيثُ مرقى النّورِ          في الأرضِ النّبيةْ لقداسةِ الجسدِ المسَجّى فوقَ لؤلؤةِ الرّمادِ،لذلك الحزنِ المعَشِّشِ في زوايا الرّوحِيتركُ فوقَ غُصنِ نهاري المكسورِ وردَ الدّمعِ     في النّارِ النّديةْ!لتمائمِ الأرضِ التّي ظَلَّتْ مُعَلَّقةً بجيدِ الموجِ تحرسُ وحشةَ الماءِ الغريبِ مِنَ الحجرْ!لمضيفها الضوئيتسبقُهُ الشّوارعُ، و البساتينُ الفسيحةُ،و البيوتْ لعبيرِ قهوتِها المهَيَّلِ،و هو يُحييْ نكهةَ الحزنِ الحميمِ هناكَ؛حيثُ تمرُّ حنجرةُ الغناءِ بما تيسَّر من رمادِ الروحِ في ذكرى الخفوتْلروافدِ النّهرِ التّي ما انّفَكَ فيها الليلُ يسرجُ للمدينةِ…ما تبقّى من قناديلِ الكواكبِ،و الصّواري السّاهراتِعلى ظلاماتِ الجسورْ!خُذْ يا صديقي دمعتي..لا تهجعُ الكلماتُ في محرابِ ذاكَ الّليلِ..ساهرةٌ معي؛في دمعةِ الزّيتونِ؛يذرفُ أوّلَ الأحلامِ في شغفِ الّلذائذِ نحو علياءِ القبورْ! خُذْني فليسَ هناكَ من معنى لهذا الصوتِ في طُرقِ المدينةِ حينَ يسألُني نشيجُ النّهرِ عن قمرٍ تكسَّرَ في الجذورْ قدْ كانَ يحنو؛كي يعيذَ مواكبَ الأمواجِ      بالأنسامِ من قَنّاصةِ الرّيحِ الغريبةِوهي تُوغِلُ في النّحور!!تلُّ الجنائزِ يطرقُ الأب وابَ يُشْعِلُ في الرؤى غيمَ العذابِ المرَّفي عبثِ الظّلامْ تتفتّحُ الطُرقاتُ عن حشدٍ من الأرواحِ؛تبحثُ في بياضِ الفجرِعن حُلُمٍ ذبيحْ!قَدْ كانَ ينسجُ من حكايا الّليلِ لأغنيةً…لطيرِ الماءِفي النّهرِ الضريحْ!ركضت إلى اللا أينَتسحبُ رغبةَ الأنفاسِفي جثثٍ تُلوّحُ للنّهايةِ،             و هي تنأى؛إِذْ تَمرُّ هناكَ فوقَ أصابعِ الفجرِ الجريحْ!كانَ انتظارُ الموتِ يُشْبهُ شهقةً..ما كادَ يُطْلقُهامسيلُ الدّمِ كي يصحو؛ليغرقَ في سُباتِ الوقتِ حتّى يستريحْ!تلكَ المدينةُ..لم تزلْ تتوشّحُ الحزنَ النّبيْ من أوّلِ الأسماءِتغتسلُ الحروفُ بمائِهاحتّى هطولِ الحُلْمِ في ليلِ البنفسجِ، و هو يغرقُ في الدّماءْ!تلك المدينةُ..أجَّجَتْ في الّليلِ حزنَ الرّيحِ في الوطنِ الجريحْ معراجُها للشّمسِ يكبُرُ في دمي صرخاتُ قلبٍكُلَّما وَطَّنْتُها؛تَرْتَدُّ ثانيةً تصيحْ:قَدْ عادَ شيطانُ الرّمادِ بشهوةٍ وحشيّةٍ؛لتفوحَ عندَ الفجرِ رائحةُ الذّئابِ                         فصيحةً!!من صبحنا المذبوحِ، فوقَ الجسرِ،  في الأرضِ النّبيةْللنّاصريةِ...للنّاصريةْهذا غناءُ الرّوحِ..مَنْ يبكي هُناكَ كأنّما يبكي..مفاتيحَ الجِنانِ، و حكمةَ المدنِ القَصيّةْقَدْ راحَ يبكي الماءَ،و النّهرَ المسيّج بالشّموعْ يبكي اغترابَ الرّيحِ في الأبراجِ،فَيْضَ الكُحْلِ، مرتعشاً،    على سوطِ الدّموعْ قَدْ راحَ يبكيني بأفئدةٍ تُفَتِّشُ في مسيلِ الدّمِ عن سرٍّ تبرعمَمن شفاهِ الجرحِ لمْ يَمسَسْهُ خوفٌ خُطَّ في سِفْر الخشوعْ قَدْ ظَلَّ يصدحُ وحدُهُ للنّاصريةِ…لمْ يزلْ عطشُ الشّفاهِ،ولم تزلْكفّايَ آنيةً من الفخّارِتنضحُ،في اشتهاءِ الشّمسِ،                 جَنّةَ مائِها؛لتُبلَّ فوقَ الجسرِ        ذاكرةَ السّطوعْ٢٠١٩/١١/٣٠هيوستن