الأربعاء، 4 يونيو 2014

قصة سجنين


قصة مدينتين لمؤلفها تشارلز دكنز من أرقى الروايات العالمية  ,التي طُبعت في ذهن القارئ , صور البطولات وصور التاريخ وقدرة المؤلف على صياغة العبارة واستحضار الشاهد التاريخي وما الى ذلك من معايير فنية ونقدية تجعل الانسان يفتخر برواية معينة لمؤلف معين ؛ لذلك بقي الاسم محفورا في ذاكرتي منذ اكثر من عشرين سنة.... ولكن سرعان ماحل اسم جديد محله وبقيت أردده مع نفسي قصة سجنين ..أفضل منها   .     
          قصة سجنين تكتب هذه الايام التي نعيشها على أرض الواقع وليس في مخيلة الروائي ..قصة تحكي أحداثا تاريخية ذات قيمة عليا ودلالات مختلفة وعديدة منها الانسانية ومنها البطولية ومنها الايمان بالقيم وبالقضية التي يناضل من أجلها الانسان ويدفع بحياته مضحيا في سبيلها ..وفي قصة واقعية ترتقي بأحداثها إلى مستوى الخيال وأكثر من ذلك ..تنأى الاقلام عن التطرق اليها ؟؟؟ وهي من أروع الملاحم التاريخية..          
هي قصة سجنين أولهما في العراق يسمى { أبو غريب } والثاني في سوريا يسمى{ سجن حلب المركزي }الاول يقع غرب بغداد على مسافة اقل من 32 كيلو متر او نصف ساعه من مركز بغداد ..على مساحة 1,15 كيلو متر مربع  ويحتوي على 24 برج أمني أو أكثر....وهو من السجون المركزية القديمة ,بناه البريطانيون ... السجن ذات سمعه سيئه في كل عصوره ,كان يقسم الى الثقيله والخفيفه ,رويت عن الاساطير الواقعية إنْ صح التعبير ونسجت عنه الحكايات المخيفة في مختلف الاوقات والازمنه ,لاسيما ما ذكر عن يوم الاربعاء من كل اسبوع ,حيث كانت تزهق الارواح بشكل جدول علني لايقبل التخلف أو النقض في زمن حكم الطاغية السابق ...ويوم الاربعاء هذا متعارف عليه عند سجناء القسم الخاص ,,,وكذلك في زمن الامريكان وصور الفضائح التي ارتكبوها غطت جميع وسائل الاعلام ,إلا انّ الحدث الاشهر الذي  اتسم به هذا السجن هو عملية الفرار الجماعي التي حدثت فيه اثناء صيف عام 2013م , حيث كان جل العراقيين يعرفون مسبقا بقرب حدوث عملية تهريب السجناء من هذا الحصن الكبير والمحروس من قبل افراد الداخلية والدفاع بشكل مخيف..فضلا عن الاجراءات الامنية المشددة في داخله وخارجه ,لكن القاصي والداني ولاسيما من سكنة المناطق المجاورة له كان يتحدثون علنا عن قرب موعد فتح السجن وهروب السجناء ..حيث دارت الاحداث المسرحية المحكمة بكل فصولها في وضح النهار واخرج الالاف من أخطر النزلاء ونقلوا الى مناطق بحزام بغداد بعد ان دارت معارك حول السجن استشهد فيها الفقراء و الخلص من ابناء الوطن بل المساكين من الذين كانوا كبش الفداء....,وتم بعد ذلك { طمطمت الموضوع } بشكل مخيف وفلت الجاني من العقاب ..ومن الجدير بالذكر ..انني كنت استاجر سيارةالتاكسي لتقلني من وسط بغداد الى منطقة الكرادة خارج في نفس الساعات التي كانت تدور فيها المعارك في ابي غريب وحول سجن التاجي أيضا....وقد سمعت سائق التاكسي يتهجم على شخص اخر بالهاتف النقال واصفا إياه بالجبان لعدم نقل ابن عمه من السجن بصورة مبكرة من الصباح....وحين سألته عن الحدث ,اجاب بكل صراحة ان العملية انتهت بنجاح.....سائق التاكسي لديه خبر السجن....و بعيد ذلك هرب السجناء بمجاميعهم الخطيرة واختفوا بالشارع العراقي...فشكلت العملية صدمة كبيرة للرأي العام العراقي...ووثقت الفشل الامني والاستخباري بشكل واضح....و اُخفيت العملية واختفى التحقيق بها..ولاندري إلى أين وصلت الامور..وبقيت عشرات الاسئلة عالقة في الذهن دون إجابة صريحة من مسؤول عراقي                         
 أما { سجن حلب المركزي } , فيقع على مسافة بعيدة من العاصمة العربية السورية دمشق وهو اقرب الى مدينة حلب في شمال سوريا .. سجن مركزي تعرض مثل كل انحاء حلب إلى أشرس  المعارك العسكرية بين الجيش العربي السوري والمسلحين من مختلف مشاربهم وألوانهم  وعنوانيهم .... ووقع السجن تحت حصار المسلحين لمدة تجاوزت عاما ونيف من جميع جهاته... وتعرض ل 18 هجمة عسكرية ..وسقط جزء منه بيد المسلحين وبقي جزء أخر بيد الجيش العربي السوري وبداخله عدد كبير من النزلاء... وتحت وطأة تلك الظروف البالغة التعقيد ..صمد مقاتلوا الجيش العربي السوري بأماكنهم ولعام كامل , لم يسقط السجن المركزي ولم يستسلم أو يهرب الجنود من مواضعهم ...ولاندري ماهي الحكايات التي كانت تدور في ذاكرتهم طيلة عام كامل من الحصار والصمود ..ولاندري كيف تعاملوا مع مرض الدرن الذي تفشى بين السجناء وإين دفن الموتى ..ومن إين لهم بالمأكل والعتاد لمقاومة الحصار...حتى بانت ساعة الفجر الجديد وفك الحصار عنهم بدخول قوات الجيش العربي السوري المدرعة وحسم موضوع سقوط السجن المركزي الذي صمد لمدة  13 شهرا. ولم يسقط ..مخلفا لنا عشرات الاسئلة عن سر البقاء وسر الصمود الخرافي, أمام مسلحين مدعومين من أخطر المخابرات المركزية العالمية وممولين من كنوز دول الخليج العربي .....                                        
لا احد يستطيع الجزم بالاسباب الحقيقية للصمود والانهيار بين قصة مدينتين عفوا بل قصة سجنين .حيث عديد الاراء المطروحة كلها تصب في حسرة المواطن العراقي المنتظر لنتائج التحقيق والتي تسقط دائما بالتقادم مع الزمن وتضاف الى ملفات أخرى كثيرة ,أرخت لهذه الحقبة التاريخية...طبعا الديمقراطية..؟؟؟                  
جمال حسين مسلم

هناك تعليق واحد:

  1. تعقيب من جريدة السيمر الاخبارية:
    ما اقوله وبكل صراحه وبدون اي لف او دوران ان هناك ثقافة بحب الوطن والتضحية من اجله وثقافة اهل الشام تفوق الثقافة الانتهازية للعديد من العراقيين وهو ما جعل صدام حسين يعيث فسادا في العراق لاكثر من ثلاث عقود ونصف ، وكذلك ادى لوجود حواضن للارهابيين ودعم لوجستي لهم. والا كيف استمر الارهاب لهذه السنين الطويلة اذا لم يكن هناك انتهازيين وحاقدين على الوطن ونفعيين ؟. لذا نلاحظ بعد ان احس العديد من المعارضين او حتى المشاركين بالقتال بان سوريا اكبر من كل فرد عاد الكثير منهم وانخرط في حب الوطن بينما لا زال العديد من العراقيين ومن داخل ىالعراق يشاركون في التآمر عليه وتدميره .

    ردحذف

للنّاصرية…رعد السّيفي للنّاصريةِ..للنّاصريةْو مسيلُ نهرِ الدّمِ. يُسْقِطُ منْ سماءِ الجسرِ              أقماراً نديّةْ خُذْ يا صديقي دمعتي                  للنّاصريةْلمدينتي الأُخرى،لأمواجِ الفراتِ تَبلُّ أضلاعي بحزنِ الماءِ في..             فجرِ الدّماءْخُذني إلى لُغةِ المواقدِ، للكوانينِ العتيقةِ،للمسلّاتِ التّي تتأبطُ الأيامَ أسئلةً،و أسراراً، لِتَصعدَ حيثُ مرقى النّورِ          في الأرضِ النّبيةْ لقداسةِ الجسدِ المسَجّى فوقَ لؤلؤةِ الرّمادِ،لذلك الحزنِ المعَشِّشِ في زوايا الرّوحِيتركُ فوقَ غُصنِ نهاري المكسورِ وردَ الدّمعِ     في النّارِ النّديةْ!لتمائمِ الأرضِ التّي ظَلَّتْ مُعَلَّقةً بجيدِ الموجِ تحرسُ وحشةَ الماءِ الغريبِ مِنَ الحجرْ!لمضيفها الضوئيتسبقُهُ الشّوارعُ، و البساتينُ الفسيحةُ،و البيوتْ لعبيرِ قهوتِها المهَيَّلِ،و هو يُحييْ نكهةَ الحزنِ الحميمِ هناكَ؛حيثُ تمرُّ حنجرةُ الغناءِ بما تيسَّر من رمادِ الروحِ في ذكرى الخفوتْلروافدِ النّهرِ التّي ما انّفَكَ فيها الليلُ يسرجُ للمدينةِ…ما تبقّى من قناديلِ الكواكبِ،و الصّواري السّاهراتِعلى ظلاماتِ الجسورْ!خُذْ يا صديقي دمعتي..لا تهجعُ الكلماتُ في محرابِ ذاكَ الّليلِ..ساهرةٌ معي؛في دمعةِ الزّيتونِ؛يذرفُ أوّلَ الأحلامِ في شغفِ الّلذائذِ نحو علياءِ القبورْ! خُذْني فليسَ هناكَ من معنى لهذا الصوتِ في طُرقِ المدينةِ حينَ يسألُني نشيجُ النّهرِ عن قمرٍ تكسَّرَ في الجذورْ قدْ كانَ يحنو؛كي يعيذَ مواكبَ الأمواجِ      بالأنسامِ من قَنّاصةِ الرّيحِ الغريبةِوهي تُوغِلُ في النّحور!!تلُّ الجنائزِ يطرقُ الأب وابَ يُشْعِلُ في الرؤى غيمَ العذابِ المرَّفي عبثِ الظّلامْ تتفتّحُ الطُرقاتُ عن حشدٍ من الأرواحِ؛تبحثُ في بياضِ الفجرِعن حُلُمٍ ذبيحْ!قَدْ كانَ ينسجُ من حكايا الّليلِ لأغنيةً…لطيرِ الماءِفي النّهرِ الضريحْ!ركضت إلى اللا أينَتسحبُ رغبةَ الأنفاسِفي جثثٍ تُلوّحُ للنّهايةِ،             و هي تنأى؛إِذْ تَمرُّ هناكَ فوقَ أصابعِ الفجرِ الجريحْ!كانَ انتظارُ الموتِ يُشْبهُ شهقةً..ما كادَ يُطْلقُهامسيلُ الدّمِ كي يصحو؛ليغرقَ في سُباتِ الوقتِ حتّى يستريحْ!تلكَ المدينةُ..لم تزلْ تتوشّحُ الحزنَ النّبيْ من أوّلِ الأسماءِتغتسلُ الحروفُ بمائِهاحتّى هطولِ الحُلْمِ في ليلِ البنفسجِ، و هو يغرقُ في الدّماءْ!تلك المدينةُ..أجَّجَتْ في الّليلِ حزنَ الرّيحِ في الوطنِ الجريحْ معراجُها للشّمسِ يكبُرُ في دمي صرخاتُ قلبٍكُلَّما وَطَّنْتُها؛تَرْتَدُّ ثانيةً تصيحْ:قَدْ عادَ شيطانُ الرّمادِ بشهوةٍ وحشيّةٍ؛لتفوحَ عندَ الفجرِ رائحةُ الذّئابِ                         فصيحةً!!من صبحنا المذبوحِ، فوقَ الجسرِ،  في الأرضِ النّبيةْللنّاصريةِ...للنّاصريةْهذا غناءُ الرّوحِ..مَنْ يبكي هُناكَ كأنّما يبكي..مفاتيحَ الجِنانِ، و حكمةَ المدنِ القَصيّةْقَدْ راحَ يبكي الماءَ،و النّهرَ المسيّج بالشّموعْ يبكي اغترابَ الرّيحِ في الأبراجِ،فَيْضَ الكُحْلِ، مرتعشاً،    على سوطِ الدّموعْ قَدْ راحَ يبكيني بأفئدةٍ تُفَتِّشُ في مسيلِ الدّمِ عن سرٍّ تبرعمَمن شفاهِ الجرحِ لمْ يَمسَسْهُ خوفٌ خُطَّ في سِفْر الخشوعْ قَدْ ظَلَّ يصدحُ وحدُهُ للنّاصريةِ…لمْ يزلْ عطشُ الشّفاهِ،ولم تزلْكفّايَ آنيةً من الفخّارِتنضحُ،في اشتهاءِ الشّمسِ،                 جَنّةَ مائِها؛لتُبلَّ فوقَ الجسرِ        ذاكرةَ السّطوعْ٢٠١٩/١١/٣٠هيوستن