الخميس، 19 يونيو 2014

في ذكرى أربعينية الوطن والمواطنة...


منذ  أكثر من ثلاثة عقود من الزمن ,تمدد تعريف الوطن والمواطنة بأشكال مختلفة في مخيلة المواطن العراقي  ومع عديد التعاريف لمفهوم الوطن والمواطنة ومع عديد الاحداث التاريخية وتقادم الزمن ومرارته... اطرت الضبابية ذهنية الشعب العراقي , أي أغلبه , في رسم علاقة الفرد بالوطن والمواطنة ؛ نتيجة لسلسلة من الاحداث والمنعطفات التاريخية الكبيرة ,التي مر بها العراق والعراقيون ..فكانت هي المؤثر الاول والرئيس  لما وصلنا اليه من ضياع وتشتت هذه المفاهيم ....وفي مقدمة الاحداث سنوات الحرب العراقية - الايرانية في العقد الثمانيني من القرن الماضي ,أبان حكم رجل ساقه القدر الاسود  للعراقيين ...فخاض الناس حربا ضروسا على جبهات القتال وكان كلما تقادمت الحرب , ضاع العمر معها ,ومع كل ألوان القهر الاجتماعي , كان العراقي القادم من جبهات القتال رهن  قوة الذل والبطش في سيطرات النظام العسكرية ,ورهن الحبس والاعدام ؛اذا ما قرر أنْ يتحدث بكلمة واحدة فقط لاتليق للنظام وأتباعه ..صاحب ذلك انهيار في بنية المجتمع العائلية ؛كنتيجة طبيعية لغياب الاب طوال أيام الشهر في سوح القتال وربما يكون مفقودا أو أسيرا أو معاقا.....في حين حفل حفنة من رجال النظام المطيعين لحركته الاجرامية الدموية بكل مميزات الحياة ...وبعيد انتهاء الحرب العراقية- الايرانية , بنتيجة لاغالب ولا مغلوب ,ضاق الشارع العراقي بآلاف العاطلين عن العمل ولاسيما ممن بلغوا مبلغا كبيرا من العمر...فكان الفقر قد انشب أظفاره في المجتمع العراقي.. في حين كان الاعلام العراقي وربما حتى هذه اللحظة يمجد بشعارات فارغة لساسته ..مرفوعة على الجدران لاتحمل معنى سوى خدش وجرح شعور المواطن الذي يعيش هما حياتيا يوميا كبيرا !!    وبعيد ذلك دخلنا دولة الكويت الشقيقة محتلين لافاتحين 1991م,ومن جديد عاد المواطن الى جبهات القتال ,يتحسر لقمة العيش الكريمة والحياة المدنية..وما أنْ انهارت المنظومة العسكرية بكاملها ودفع العراقيون ثمنا باهضا ؛ نتيجة تهور القائد الضرورة ؟؟؟ حتى دخلنا في حصار اقتصادي مميت ,تساقطت معه أحلام العراقيين بالعيش ,كما يعيش المواطن في دول الجوار العراقي على الاقل , وبقي يتحسر الدواء والغذاء والكرامة ,ويرى بأم عينه القصور الصدامية متناثرة على أرض العراق بأبوابها الذهبية وحراسها  المدججين بالسلاح ,ومع دفع المواطن الثمن غاليا من كرامته ووطنيته ,بقي النظام آنذاك يفكر بطرق أخرى لاشاعة الوطنية بين الناس ولكن على طريقة فدائي صدام ..الذين يرتدون الملابس السوداء ويتزعمون العصابات التي تقطع اليد واللسان أمام عامة الناس وفي الطرقات علنا ..كسابقتها بقطع صيوان أذن الجنود المتراجعين من جبهات القتال ,حيث يهان المرء بوطنه وبين ناسه ,ولكن تتحقق رغبات المهيب الركن القائد العام للقوات المسلحة بطل التحريرالقومي ..الخ الخ الخ...,الذي ادار ظهره لفقراء ومرضى وأرامل وأيتام ومعاقي العراق .... وشدد بأن لاحديث عن الاسرى العراقيين في إيران ؛ حيث لايروق له ذلك....فكانت جذور وفاة الوطن والوطنية ,تثبت بأرضها الخصبة وتنمو وتزدهر يوما بعد يوم . مما اضطرت الناس الى  أساليب أخرى تحقق أغراضهم الشخصية بعيدا عن غضب النظام وأزلامه وفي مقدمتها نهب المال العام وسرقة دوائر الدولة ما استطاع الناس إلى ذلك سبيلا...وكانت 2003م منطلقا جديدا في تاريخ العراق الحديث ؛حيث ازيح عن صدورهم الطاغية وهامان ومن سار بنهجهم ولكن بتدخل اجنبي وتحالف دولي عسكري كبير ,وحلت الديمقراطية  ضيفا على العراقيين وحل معها عادة زهق الارواح الطاهرة من جديد حيث دخلنا في دوامة العنف والمليشيات والتهجير والمفخخات والقتل على الهوية ...
ومما سجل وبأهمية كبيرة  في ذكرى نعي المواطنة ان ما حدث أبان الحرب العراقي – الايرانية من نهب وسلب  للمدن الامنةوالقرى .من قبل افراد العسكر وبعض المدنين ,تحول الى ظاهرة حقيقية كبيرة أيام احتلال دولة الكويت وأيام سقوط المحافظات العراقية ,بعد الهزيمة النكراء للجيش العراقي في عام 1991م ,وتلك مؤشرات خطيرة على غياب مفهوم الوطنية ,التي تدرس في مدارسنا المتوسطة منذ خمسين عاما ,,,وهو أمر غريب ,,,ان تنتهج الدولة منهجا في تدريس الوطنية كمادة تربوية لا أهمية لها على جدول الدروس الاسبوعي ,وهي تعي بأن الوطنية ثقافة وتربية تزرع في نفس الانسانية من خلال أكرام الوطن لافراد الشعب ..لا من خلال أهانتهم وأذلالهم والكذب عليهم...                                                                           
وكعادة كبار قادة الجيش العراقي السابق وربما الحالي أيضا ترك العسكر مواضعهم تاركين العراق بعرضه وطوله وقصوره الرئاسية إلى التحالف الدولي ,ولم  نشاهد انتحار قائد عسكري واحد ,,دفاعا عن شرفه العسكري ؛ مثل كتب التاريخ عن القادة العسكريين العظام.... وربما لان الموضوع برمته منحسرا في حصر مفهوم الوطن بشخص واحد  آنذاك لايستحق التضحيات من أجله ,بعدما عاش الناس بسجنه الكبير عقودا من الزمن كالحة السواد.وربما لاسباب متعلقة بثقافة الفرد والمجتمع المستوردة من ثقافة الحزب الواحد..                   
 وبعد الدور السلبي للقوات المسلحة العراقية في غياب مفهوم الوطنية ؛ تمجيدا للقائد الضرورة ,وتدميرا للفرد العراقي منذ 1975م ومرورا بأحداث الحرب العراقية – الايرانية وهزيمة عام 1991م , وهزيمة عام 2003م ..وبعيد ذلك تجدد المشهد في حزيران عام 2014 م ,ورمى بعض قادة الجيش العراقي من جديد خلف ظهورهم الوطن بما حمل وتركوا العراق عرضة لشذاذ الافاق من  متسولي الدين ومرتزقة الفكر الدموي التكفيري ,وكانت الطامة الكبرى حين دخل الاوباش بعددهم الذي لايذكر أمام عديد وحدات الجيش العراق ,ودون قتال يذكر وقد غنموا كل المعدات العسكرية وأُسقطت في يدهم ,أهم مدن العراق بسويعات قليلة ,اغتنم المتربصون بالعراق الحدث ؛ فصار النهب والسلب في هذه المرة على مستوى مصادرة المدن والنواحي !!! يشكل خارطة  جغرافية جديدة للوطن المتناثر الاشلاء والمقسم في نفوس مواطنيه قبل أنْ يقسم على الورق ....                              

وخلاصة القول إن صنع الدكتاتور وتمجيده هو المسمار الاول في نعش الوطنية والمواطنة ,النعش الذي حملنا الى القبر!!! وعلى مدار العقود الماضية , كان قادة الجيش العراقي ,الذي لم يحرك ساكنا لانقاذ العراق وابناءه منذ حرب الشمال في عام 1975م ولغاية دخول الاوباش الى نينوي عام 20014م ,يؤدون الدور ببراعة كبيرة....فكيف سيكتب التاريخ عن دور العسكر والاجهزة الامنية ..في قتل الوطن وذبحه من الوريد الى الوريد ,ومسخ المواطنة والوطنية , فكيف سيكتب  عن شرف العسكرية والقيادة والنجوم المسطرة على أكتافهم ...؟؟؟                                  جمال حسين مسلم                     

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

للنّاصرية…رعد السّيفي للنّاصريةِ..للنّاصريةْو مسيلُ نهرِ الدّمِ. يُسْقِطُ منْ سماءِ الجسرِ              أقماراً نديّةْ خُذْ يا صديقي دمعتي                  للنّاصريةْلمدينتي الأُخرى،لأمواجِ الفراتِ تَبلُّ أضلاعي بحزنِ الماءِ في..             فجرِ الدّماءْخُذني إلى لُغةِ المواقدِ، للكوانينِ العتيقةِ،للمسلّاتِ التّي تتأبطُ الأيامَ أسئلةً،و أسراراً، لِتَصعدَ حيثُ مرقى النّورِ          في الأرضِ النّبيةْ لقداسةِ الجسدِ المسَجّى فوقَ لؤلؤةِ الرّمادِ،لذلك الحزنِ المعَشِّشِ في زوايا الرّوحِيتركُ فوقَ غُصنِ نهاري المكسورِ وردَ الدّمعِ     في النّارِ النّديةْ!لتمائمِ الأرضِ التّي ظَلَّتْ مُعَلَّقةً بجيدِ الموجِ تحرسُ وحشةَ الماءِ الغريبِ مِنَ الحجرْ!لمضيفها الضوئيتسبقُهُ الشّوارعُ، و البساتينُ الفسيحةُ،و البيوتْ لعبيرِ قهوتِها المهَيَّلِ،و هو يُحييْ نكهةَ الحزنِ الحميمِ هناكَ؛حيثُ تمرُّ حنجرةُ الغناءِ بما تيسَّر من رمادِ الروحِ في ذكرى الخفوتْلروافدِ النّهرِ التّي ما انّفَكَ فيها الليلُ يسرجُ للمدينةِ…ما تبقّى من قناديلِ الكواكبِ،و الصّواري السّاهراتِعلى ظلاماتِ الجسورْ!خُذْ يا صديقي دمعتي..لا تهجعُ الكلماتُ في محرابِ ذاكَ الّليلِ..ساهرةٌ معي؛في دمعةِ الزّيتونِ؛يذرفُ أوّلَ الأحلامِ في شغفِ الّلذائذِ نحو علياءِ القبورْ! خُذْني فليسَ هناكَ من معنى لهذا الصوتِ في طُرقِ المدينةِ حينَ يسألُني نشيجُ النّهرِ عن قمرٍ تكسَّرَ في الجذورْ قدْ كانَ يحنو؛كي يعيذَ مواكبَ الأمواجِ      بالأنسامِ من قَنّاصةِ الرّيحِ الغريبةِوهي تُوغِلُ في النّحور!!تلُّ الجنائزِ يطرقُ الأب وابَ يُشْعِلُ في الرؤى غيمَ العذابِ المرَّفي عبثِ الظّلامْ تتفتّحُ الطُرقاتُ عن حشدٍ من الأرواحِ؛تبحثُ في بياضِ الفجرِعن حُلُمٍ ذبيحْ!قَدْ كانَ ينسجُ من حكايا الّليلِ لأغنيةً…لطيرِ الماءِفي النّهرِ الضريحْ!ركضت إلى اللا أينَتسحبُ رغبةَ الأنفاسِفي جثثٍ تُلوّحُ للنّهايةِ،             و هي تنأى؛إِذْ تَمرُّ هناكَ فوقَ أصابعِ الفجرِ الجريحْ!كانَ انتظارُ الموتِ يُشْبهُ شهقةً..ما كادَ يُطْلقُهامسيلُ الدّمِ كي يصحو؛ليغرقَ في سُباتِ الوقتِ حتّى يستريحْ!تلكَ المدينةُ..لم تزلْ تتوشّحُ الحزنَ النّبيْ من أوّلِ الأسماءِتغتسلُ الحروفُ بمائِهاحتّى هطولِ الحُلْمِ في ليلِ البنفسجِ، و هو يغرقُ في الدّماءْ!تلك المدينةُ..أجَّجَتْ في الّليلِ حزنَ الرّيحِ في الوطنِ الجريحْ معراجُها للشّمسِ يكبُرُ في دمي صرخاتُ قلبٍكُلَّما وَطَّنْتُها؛تَرْتَدُّ ثانيةً تصيحْ:قَدْ عادَ شيطانُ الرّمادِ بشهوةٍ وحشيّةٍ؛لتفوحَ عندَ الفجرِ رائحةُ الذّئابِ                         فصيحةً!!من صبحنا المذبوحِ، فوقَ الجسرِ،  في الأرضِ النّبيةْللنّاصريةِ...للنّاصريةْهذا غناءُ الرّوحِ..مَنْ يبكي هُناكَ كأنّما يبكي..مفاتيحَ الجِنانِ، و حكمةَ المدنِ القَصيّةْقَدْ راحَ يبكي الماءَ،و النّهرَ المسيّج بالشّموعْ يبكي اغترابَ الرّيحِ في الأبراجِ،فَيْضَ الكُحْلِ، مرتعشاً،    على سوطِ الدّموعْ قَدْ راحَ يبكيني بأفئدةٍ تُفَتِّشُ في مسيلِ الدّمِ عن سرٍّ تبرعمَمن شفاهِ الجرحِ لمْ يَمسَسْهُ خوفٌ خُطَّ في سِفْر الخشوعْ قَدْ ظَلَّ يصدحُ وحدُهُ للنّاصريةِ…لمْ يزلْ عطشُ الشّفاهِ،ولم تزلْكفّايَ آنيةً من الفخّارِتنضحُ،في اشتهاءِ الشّمسِ،                 جَنّةَ مائِها؛لتُبلَّ فوقَ الجسرِ        ذاكرةَ السّطوعْ٢٠١٩/١١/٣٠هيوستن