الثلاثاء، 12 نوفمبر 2013


الدروس التربوية المستوحاة من ضيافة ابي عبد الله الحسين
جمال حسين مسلم
 

منذ حدوث مجزرة كربلاء التاريخية , حين قدم الحسين عليه السلام وآل بيته وصحبه الى العراق معلنا ثورة عظمى بوجه الطاغية والطغاة , ثورة تقوم على شقين ,أولهما يعلمه الجمع والتاريخ يدونه ,والثاني يعلمه الامام , مرتبط بعالم الغيب والشهادة وحيثيات الرسالة و متطلبات الواحد الاحد وأين يضع رسالته وكيفيتها وأعجازاتها.. منذ تلك الواقعة الاليمة وفي كل عام تُسن أقلام الموالين والمحبين والمنصفين في كتابة ماتيسر لهم من الرأي في الدروس المستوحاة من ثورة الحسين عليه السلام ,ريحانة رسول الله صلى الله عليه وسلم....وما جفت تلك الاقلام ولن تجف تلك الموضوعات,وكأنك في كل عام تبتكر  شيئا ما فاتك ذكره  من العام الماضي ...        

واذ احاطت الاقلام بموضوعات الثورة وشخص الامام عليه السلام واستمرت في البحث ,فلابأس من الافاضة بما نتج من تأثير تلك الثورة على المجتمعات العربية والاسلامية والانسانية جمعاء...تلك التأثيرات يصعب على الباحث حصرها في مقال أو بحث واحد لانها متشعبة متعددة ,تتداخل في وصفها المباحث والمسميات... وأطن ان موضوع الضيافة لزوار أبي عبد الله الحسين عليه السلام يعد من أيسرها بحثا ,وأعمقها دلالة .              

 ومفردة الضيف ,مفردة عربية أصيلة تمّ ذكرها في عديد المواضع القرآنية الكريمة ,ومنها قوله تبارك وتعالى في الاية الكريمة {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ } الذاريات :24             

وفي الاية الكريمة والموضع الشريف ,وصف الله سبحانه وتعالى ,ضيوف ابراهيم عليه السلام بالمكرمين,وهكذا دأب العرب وشأنهم في اكرام الضيف ,وعلى مر العصور ,وبمختلف الظروف ,وشواهد التاريخ في هذا لاحصر لها...والضيافة لا تنحصر بسالك الطريق أو بقاصد لبيت قريب او صديق ,فقد اخذت تتطور في حيثياتها مع مرور الزمن ,وتنوعت بحسب المناسبات والاحداث ,ومن اهمها ولاسيما في المجتمع العراقي حصرا..ضيافة الاقرباء والاصدقاء في مناسبات الافراح والاحزان على حد سواء..                    

وأهل العراق وأخص بالذكر محبين آل بيت رسول الله ,تفننوا في ضيافة زوار الامام الحسين عليه السلام ,ايام عاشوراء على وجه الخصوص,وفي مناسبات آل بيت النبوة الاخرى عموما..فمشهد الخيم المنتشرة من أقصى الجنوب في العراق ومرورا بمحافظات الوسط حتى المرقد الشريف ,وأشكال الضيافة وواقع القائمين عليها ,أزعم فيه من الدروس التربوية والاخلاقية والاجتماعية....مالاتستطيع هذه الاسطر الاحاطة بها والاحاطة بأسرارهِ....                                                                                                           

حيث ينبري الناس على شكل عوائل او تجمعات مرتبطين بمواكب معينة..ويتصدون لخدمة وضيافة زائري الامام الحسين وتقديم كافة الخدمات لهم... من الاطعام الى المنام الى العناية الصحية الى الاعانة المادية الى تدليك الاقدام المتعبة من طول الطريق والى والى والى...كلها مجانية..يقوم عليها الناس ببذل كل ما لديهم دون دعم  حكومي!! وفي اغلبها دون دعم المؤسسات الدينية.. هنا الدرس التربوي الاول ,الذي يقوم على تهذيب النفس وترقيقها في خدمة الاخرين ,وهي تشعر بانها لم تقدم شيئا امام تضحيات سيدهم الحسين عليه السلام وهي فعلا كذالك,وانما المراد منها وجه الله سبحانه وتعالى وثوابه..      .                                                 

ومن بابها الاوسع يستشعر الناس بأن هؤلاء الضيوف قدموا لمجلس عزاء الامام الحسين عليه السلام..معزين جده رسول الله عليه افضل الصلاة وأتم التسليم وامير المؤمنين  علي عليه السلام ونور الله في ارضه البتول الطاهرة والمجتبى الحسن عليهم سلام الله اجمعين...فأذا كان عددهم يفوق خمسة ملايين زائر..كم سيكون عدد المضيفين لهم...وهل يستشعر الناس في هذه الظاهرة التكريمية الاكبر في التاريخ كله ,قديما وحديثا .وكيف ينظر أهل الجوار الى كرم العراقيين ,ولاسيما محبي آل بيت النبوة عليه السلام..فزوار دول الجوار وغيرها من ضيوف أبي عبد الله عليه السلام ,يتوافدون من ايران وتركيا وسوريا ولبنان والاردن والسعودية والكويت والبحرين والامارت وسلطنة عمان واليمن وبلاد الهند وافغانستان وباكستان ومن مختلف صقاع العالم الاخرى...فهل حفلت دول واحده بهذه الظاهرة الفريدة من نوعها .ومن أختص بها غير العراق ومحبي آل بيت النبوة ..ترى كيف ستنقل صورة الكرم هذا الى بلدانهم ؟؟؟ وأي كرم ارفع من هذا المستوى .. واي درس في التربية والقيم الاخلاقية يستوحى من هذا الدرس ..واي صفحات تحتويه .. وهل لنا أنْ نقف متفرجين على ضيوف أبي عبد الله دون أكرامهم اسوة بأبراهيم عليه السلام وذريته من الصالحين ..وهل لنا أنْ نقتصد فيما نقدم لهم ,والملايين تزحف من كل صوب وحدب .ما معنى الاقتصاد في الكرم وانت ترعى  مجلسا لابي عبد الله الحسين ..هيهات هيهات يكون منا ذالك ..درسا ودروسا اخرى لن تنضب ولن تجف ,لان الثورة في شقين احدهما نخوض فيه والاخر  في عالم الغيب والشهادة ,بما اراد الله لها أنْ تكون  وكانت أعظم درس في التاريخ.

جمال حسين مسلم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

للنّاصرية…رعد السّيفي للنّاصريةِ..للنّاصريةْو مسيلُ نهرِ الدّمِ. يُسْقِطُ منْ سماءِ الجسرِ              أقماراً نديّةْ خُذْ يا صديقي دمعتي                  للنّاصريةْلمدينتي الأُخرى،لأمواجِ الفراتِ تَبلُّ أضلاعي بحزنِ الماءِ في..             فجرِ الدّماءْخُذني إلى لُغةِ المواقدِ، للكوانينِ العتيقةِ،للمسلّاتِ التّي تتأبطُ الأيامَ أسئلةً،و أسراراً، لِتَصعدَ حيثُ مرقى النّورِ          في الأرضِ النّبيةْ لقداسةِ الجسدِ المسَجّى فوقَ لؤلؤةِ الرّمادِ،لذلك الحزنِ المعَشِّشِ في زوايا الرّوحِيتركُ فوقَ غُصنِ نهاري المكسورِ وردَ الدّمعِ     في النّارِ النّديةْ!لتمائمِ الأرضِ التّي ظَلَّتْ مُعَلَّقةً بجيدِ الموجِ تحرسُ وحشةَ الماءِ الغريبِ مِنَ الحجرْ!لمضيفها الضوئيتسبقُهُ الشّوارعُ، و البساتينُ الفسيحةُ،و البيوتْ لعبيرِ قهوتِها المهَيَّلِ،و هو يُحييْ نكهةَ الحزنِ الحميمِ هناكَ؛حيثُ تمرُّ حنجرةُ الغناءِ بما تيسَّر من رمادِ الروحِ في ذكرى الخفوتْلروافدِ النّهرِ التّي ما انّفَكَ فيها الليلُ يسرجُ للمدينةِ…ما تبقّى من قناديلِ الكواكبِ،و الصّواري السّاهراتِعلى ظلاماتِ الجسورْ!خُذْ يا صديقي دمعتي..لا تهجعُ الكلماتُ في محرابِ ذاكَ الّليلِ..ساهرةٌ معي؛في دمعةِ الزّيتونِ؛يذرفُ أوّلَ الأحلامِ في شغفِ الّلذائذِ نحو علياءِ القبورْ! خُذْني فليسَ هناكَ من معنى لهذا الصوتِ في طُرقِ المدينةِ حينَ يسألُني نشيجُ النّهرِ عن قمرٍ تكسَّرَ في الجذورْ قدْ كانَ يحنو؛كي يعيذَ مواكبَ الأمواجِ      بالأنسامِ من قَنّاصةِ الرّيحِ الغريبةِوهي تُوغِلُ في النّحور!!تلُّ الجنائزِ يطرقُ الأب وابَ يُشْعِلُ في الرؤى غيمَ العذابِ المرَّفي عبثِ الظّلامْ تتفتّحُ الطُرقاتُ عن حشدٍ من الأرواحِ؛تبحثُ في بياضِ الفجرِعن حُلُمٍ ذبيحْ!قَدْ كانَ ينسجُ من حكايا الّليلِ لأغنيةً…لطيرِ الماءِفي النّهرِ الضريحْ!ركضت إلى اللا أينَتسحبُ رغبةَ الأنفاسِفي جثثٍ تُلوّحُ للنّهايةِ،             و هي تنأى؛إِذْ تَمرُّ هناكَ فوقَ أصابعِ الفجرِ الجريحْ!كانَ انتظارُ الموتِ يُشْبهُ شهقةً..ما كادَ يُطْلقُهامسيلُ الدّمِ كي يصحو؛ليغرقَ في سُباتِ الوقتِ حتّى يستريحْ!تلكَ المدينةُ..لم تزلْ تتوشّحُ الحزنَ النّبيْ من أوّلِ الأسماءِتغتسلُ الحروفُ بمائِهاحتّى هطولِ الحُلْمِ في ليلِ البنفسجِ، و هو يغرقُ في الدّماءْ!تلك المدينةُ..أجَّجَتْ في الّليلِ حزنَ الرّيحِ في الوطنِ الجريحْ معراجُها للشّمسِ يكبُرُ في دمي صرخاتُ قلبٍكُلَّما وَطَّنْتُها؛تَرْتَدُّ ثانيةً تصيحْ:قَدْ عادَ شيطانُ الرّمادِ بشهوةٍ وحشيّةٍ؛لتفوحَ عندَ الفجرِ رائحةُ الذّئابِ                         فصيحةً!!من صبحنا المذبوحِ، فوقَ الجسرِ،  في الأرضِ النّبيةْللنّاصريةِ...للنّاصريةْهذا غناءُ الرّوحِ..مَنْ يبكي هُناكَ كأنّما يبكي..مفاتيحَ الجِنانِ، و حكمةَ المدنِ القَصيّةْقَدْ راحَ يبكي الماءَ،و النّهرَ المسيّج بالشّموعْ يبكي اغترابَ الرّيحِ في الأبراجِ،فَيْضَ الكُحْلِ، مرتعشاً،    على سوطِ الدّموعْ قَدْ راحَ يبكيني بأفئدةٍ تُفَتِّشُ في مسيلِ الدّمِ عن سرٍّ تبرعمَمن شفاهِ الجرحِ لمْ يَمسَسْهُ خوفٌ خُطَّ في سِفْر الخشوعْ قَدْ ظَلَّ يصدحُ وحدُهُ للنّاصريةِ…لمْ يزلْ عطشُ الشّفاهِ،ولم تزلْكفّايَ آنيةً من الفخّارِتنضحُ،في اشتهاءِ الشّمسِ،                 جَنّةَ مائِها؛لتُبلَّ فوقَ الجسرِ        ذاكرةَ السّطوعْ٢٠١٩/١١/٣٠هيوستن