السبت، 6 أبريل 2013

تذكير بالحصاد العثماني في الوطن العربي / الموضوع منقول...


تذكير بالحصاد العثماني في الوطن العربي

إرسال إلى صديق طباعة PDF


صرح الرئيس التركي عبدالله غول مؤخرا بان تركمان سوريا جزء من الأمة التركية، في تجاهل متعمد لكونهم من بعض النسيج الاجتماعي السوري ما يعتبر تأكيدا للمطامع التركية في سوريا خاصة والمشرق العربي عامة. ولما كانت الغالبية في أوساط الجماعات العربية رافعة الشعارات الاسلاموية ما انفكت تحن لايام "الخلافة العثمانية" متجاهلة أن الامبراطورية العثمانية كانت خلال القرنين الاخيرين من حياتها تعرف بانها "رجل اوروبا المريض". وان بريطانيا وفرنسا وروسيا والنمسا وبروسيا شكلت "الإجماع الاوروبي" الذي منع محمد علي من اسقاط النظام العثماني تحسبا من إقامته امبراطورية عربية عصرية على انقاضه تكون أشد خطورة على المصالح الاستعمارية في حوض البحر الابيض المتوسط . ما يستدعي وقفة تذكير الحالمين بالترياق العثماني ببعض الحصاد المر الذي خلفه العثمانيون في الوطن العربي مذكرين بالآتي:


1 – في العالم 1516 اقتحمت الجيوش العثمانية بقيادة السلطان "سليم الأول" شمالي سوريا فهزمت المماليك بقيادة "قانصو الغوري" في معركة "مرج دابق" قرب حلب. وفي السنة التالية احتل العثمانيون القاهرة ليبدأ العهد العثماني الذي شمل غالبية الوطن العربي. والعهد العثماني مختلف نوعيا عن دولة المماليك بكونه اقام سيطرة نظام اجنبي عاصمته خارج الارض العربية ولغته وقيمه وأنماط سلوكه غير عربية. وعلى مدى اربعة قرون سخر النظام العثماني قدرات العرب الخاضعين لسلطانه لمصلحة شعبه خلافا للمماليك الذين كانت المقدرات العربية في زمانهم توظف في الارض العربية.

2 – طور العثمانيون "نظام الملل" المملوكي باعطائهم القيادات الروحية المسيحية واليهودية سلطة إدارة شؤون اتباعها. ومع توالي تدهور فعالية السلطة المركزية العثمانية في اسطنبول وسلطات ممثليها الاتراك في الولايات العربية، تزايدت ادوار وفعالية البطاركة والحاخاميين. ويذهب الباحثون والمؤرخون للعهد العثماني إلى أن النظام الطائفي في المشرق العربي تأسس وتوطد في ظل العثمانيين.

3 – كان السلطان "سليمان القانوني" قد منح ملك فرنسا "فرنسوا الاول" امتياز "حماية" المسيحيين في الامبراطورية العثمانية. ولقد توسعت "الامتيازات" وتطورت من بعده لتشمل "حماية" اليهود، ما كان مدخلا للاختراقات الاوروبية للولايات العثمانية، خاصة العربية منها. كما فسح مجالا تزايد اتساعا للارساليات التبشيرية الكاثوليكية والبروتستانتية في محاولة اكتساب اتباع جدد على حساب الكنائس الشرقية العربية، الأمر الذي اذكى الصراعات الكنسية في المشرق العربي واشاع التعصب الطائفي في اوساط المسيحيين العرب. ولقد توزعت الدول الاوروبية "حماية" الطوائف العربية، إذ اختصت فرنسا والنمسا بالكاثوليك، وروسيا بالارثوذكس، وبريطانيا بالبروتستانت واليهود.

4 – عملت طلائع الاستعمار الاوروبي مع إرساليات التبشير بتنسيق تام، وعلى نحو متكامل مع الصيارفة والتجار الاوروبيين وسماسرتهم ووكلائهم المحليين الذين شملتهم "الحماية". وبتمويل من الكنائس والسفارات والغرف التجارية الاوروبية حقق قطاع متزايد من المواطنين غير المسلمين مكاسب مادية ومراكز اجتماعية. واعتبارا من الربع الاخير للقرن السابع عشر شملت الامتيازات مزيجا من "الحقوق" السياسية والدينية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. فيما سمح للارساليات والطوائف ان تقيم مدارسها الخاصة، ما كان له تأثيره شديد السلبية على تماثل ثقافة وقيم وانماط وسلوك الاجيال العربية الجديدة.

5 – كانت المشاعر العنصرية والطائفية هي الغالبة في أوساط المرسلين والمبشرين الاوروبيين، وكان شائعا لديهم تصورهم ان المذاهب التي ينتسبون اليها متفوقة على غيرها من الاديان والعقائد والمذاهب، مع الادعاء بتفوق اوروبا بشرا ولغات وثقافات وقيما وانماط سلوك . وقد أشاعوا هذا الشعور بالتفوق بين ابناء طوائفهم على بقية مواطنيهم، ما رسب عند قطاع غير يسير من المسيحيين العرب شعورا بالنقص تجاه الغرب الاستعماري وتمايزا عن المحيط العربي الاسلامي.

6 – لقد كلف المسلمون العرب بالخدمة العسكرية، او دفع البدل العسكري، بحيث قضت اجيال من شبابهم زهرات عمرها، بل ودفعت حياتها في الحروب العثمانية خارج الوطن العربي او في قمع الثورات العربية، فضلا عن الزامهم بدفع الضرائب. ولقد تسببت الخدمة العسكرية والتعسف في فرض الضرائب وجبايتها بتراجع مراكز المسلمين العرب الاقتصادية ومواقعهم الاجتماعية، وبحيث غلب عليهم الفقر والجهل والتخلف عن العصر.

7 – تسببت التبعية السياسية والتخلف الاقتصادي في اطراد التخلف الاجتماعي والجمود الفكري وتراجع مختلف نواحي الحياة العقلية. وحول انعكاس ذلك السلبي على الاسلام والمسلمين كتب العلامة محمد الغزالي – في كتاب تراثنا الفكري في ميزان الشرع والعقل - يقول: صحيح إن الاتراك رفعوا راية الخلافة واستطاعوا في زحف باهر ان يخترقوا مشرق اوروبا حتى النمسا، لكن الاتراك كانوا قوة عسكرية ولم يكونوا فجرا ثقافيا جديدا، فكان التوسع الاسلامي خاليا من بذور الحضارة الاولى ومن اسباب الحياة الصحيحة فسرعان ما انهار وانهار العالم الاسلامي بعده واصبح اثرا بعد عين.

8 – غير دقيق القول بان العثمانيين حالوا دون سيطرة قوى الاستعمار الاوروبي على الوطن العربي. ذلك لان كلا من المملكة المغربية وسلطنة عمان تمكنت بقواها الذاتية من صد هجمات طلائع الاستعمار الاوروبي دون مساعدة العثمانيين لهم في جهادهم. فيما احتلت كل من الجزائر وتونس ومصر وليبيا وجنوبي اليمن وهي تابعة للامبراطورية العثمانية. فضلا عن تغلغل النفوذ الاقتصادي والثقافي الاوروبي في بقية الوطن العربي خلال القرنين الاخيرين من العهد العثماني.

9 – كان فكتور سحاب قد انتهى في كتابه "من يحمي المسيحيين العرب" إلى القول، وهو المحق، بإن غزو الفرنجة المعروف تجاوزا بالحروب الصليبية كان وبالا على المسيحيين العرب من حيث صور انه جاء لحمايتهم. وانه في ضوء القراءة الموضوعية لما شهده المجتمع العربي خلال العهد العثماني ليس من المغالاة في شيء القول بانه كان وبالا على العرب عامة، والمسلمين منهم خاصة، خلافا لما يتصوره الحالمون بعودة الخلافة العثمانية على يدي عبدالله غول ورئيس وزرائه طيب رجب اردوغان.

ولكل من يشك في صحة هذا القول ان يعقد مقارنة بين ما كانت عليه حال كل من القاهرة ودمشق وحلب وبغداد والقدس من تفوق حضاري وتوفر الحقوق المدنية والدينية لغير المسلمين عندما بدأ العهد العثماني سنة 1517 وبين ما كانت عليه احوال كل من لندن وباريس وروما وفينا ومدريد يومذاك. ثم يقارن ما انتهت اليه العواصم الاوروبية الخمس ونظيراتها العربيات عند نهاية العهد العثماني في بلاد الشام والعراق سنة 1918 ليرى مقدار مرارة الحصاد الذي خلفه العثمانيون في الوطن العربي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

للنّاصرية…رعد السّيفي للنّاصريةِ..للنّاصريةْو مسيلُ نهرِ الدّمِ. يُسْقِطُ منْ سماءِ الجسرِ              أقماراً نديّةْ خُذْ يا صديقي دمعتي                  للنّاصريةْلمدينتي الأُخرى،لأمواجِ الفراتِ تَبلُّ أضلاعي بحزنِ الماءِ في..             فجرِ الدّماءْخُذني إلى لُغةِ المواقدِ، للكوانينِ العتيقةِ،للمسلّاتِ التّي تتأبطُ الأيامَ أسئلةً،و أسراراً، لِتَصعدَ حيثُ مرقى النّورِ          في الأرضِ النّبيةْ لقداسةِ الجسدِ المسَجّى فوقَ لؤلؤةِ الرّمادِ،لذلك الحزنِ المعَشِّشِ في زوايا الرّوحِيتركُ فوقَ غُصنِ نهاري المكسورِ وردَ الدّمعِ     في النّارِ النّديةْ!لتمائمِ الأرضِ التّي ظَلَّتْ مُعَلَّقةً بجيدِ الموجِ تحرسُ وحشةَ الماءِ الغريبِ مِنَ الحجرْ!لمضيفها الضوئيتسبقُهُ الشّوارعُ، و البساتينُ الفسيحةُ،و البيوتْ لعبيرِ قهوتِها المهَيَّلِ،و هو يُحييْ نكهةَ الحزنِ الحميمِ هناكَ؛حيثُ تمرُّ حنجرةُ الغناءِ بما تيسَّر من رمادِ الروحِ في ذكرى الخفوتْلروافدِ النّهرِ التّي ما انّفَكَ فيها الليلُ يسرجُ للمدينةِ…ما تبقّى من قناديلِ الكواكبِ،و الصّواري السّاهراتِعلى ظلاماتِ الجسورْ!خُذْ يا صديقي دمعتي..لا تهجعُ الكلماتُ في محرابِ ذاكَ الّليلِ..ساهرةٌ معي؛في دمعةِ الزّيتونِ؛يذرفُ أوّلَ الأحلامِ في شغفِ الّلذائذِ نحو علياءِ القبورْ! خُذْني فليسَ هناكَ من معنى لهذا الصوتِ في طُرقِ المدينةِ حينَ يسألُني نشيجُ النّهرِ عن قمرٍ تكسَّرَ في الجذورْ قدْ كانَ يحنو؛كي يعيذَ مواكبَ الأمواجِ      بالأنسامِ من قَنّاصةِ الرّيحِ الغريبةِوهي تُوغِلُ في النّحور!!تلُّ الجنائزِ يطرقُ الأب وابَ يُشْعِلُ في الرؤى غيمَ العذابِ المرَّفي عبثِ الظّلامْ تتفتّحُ الطُرقاتُ عن حشدٍ من الأرواحِ؛تبحثُ في بياضِ الفجرِعن حُلُمٍ ذبيحْ!قَدْ كانَ ينسجُ من حكايا الّليلِ لأغنيةً…لطيرِ الماءِفي النّهرِ الضريحْ!ركضت إلى اللا أينَتسحبُ رغبةَ الأنفاسِفي جثثٍ تُلوّحُ للنّهايةِ،             و هي تنأى؛إِذْ تَمرُّ هناكَ فوقَ أصابعِ الفجرِ الجريحْ!كانَ انتظارُ الموتِ يُشْبهُ شهقةً..ما كادَ يُطْلقُهامسيلُ الدّمِ كي يصحو؛ليغرقَ في سُباتِ الوقتِ حتّى يستريحْ!تلكَ المدينةُ..لم تزلْ تتوشّحُ الحزنَ النّبيْ من أوّلِ الأسماءِتغتسلُ الحروفُ بمائِهاحتّى هطولِ الحُلْمِ في ليلِ البنفسجِ، و هو يغرقُ في الدّماءْ!تلك المدينةُ..أجَّجَتْ في الّليلِ حزنَ الرّيحِ في الوطنِ الجريحْ معراجُها للشّمسِ يكبُرُ في دمي صرخاتُ قلبٍكُلَّما وَطَّنْتُها؛تَرْتَدُّ ثانيةً تصيحْ:قَدْ عادَ شيطانُ الرّمادِ بشهوةٍ وحشيّةٍ؛لتفوحَ عندَ الفجرِ رائحةُ الذّئابِ                         فصيحةً!!من صبحنا المذبوحِ، فوقَ الجسرِ،  في الأرضِ النّبيةْللنّاصريةِ...للنّاصريةْهذا غناءُ الرّوحِ..مَنْ يبكي هُناكَ كأنّما يبكي..مفاتيحَ الجِنانِ، و حكمةَ المدنِ القَصيّةْقَدْ راحَ يبكي الماءَ،و النّهرَ المسيّج بالشّموعْ يبكي اغترابَ الرّيحِ في الأبراجِ،فَيْضَ الكُحْلِ، مرتعشاً،    على سوطِ الدّموعْ قَدْ راحَ يبكيني بأفئدةٍ تُفَتِّشُ في مسيلِ الدّمِ عن سرٍّ تبرعمَمن شفاهِ الجرحِ لمْ يَمسَسْهُ خوفٌ خُطَّ في سِفْر الخشوعْ قَدْ ظَلَّ يصدحُ وحدُهُ للنّاصريةِ…لمْ يزلْ عطشُ الشّفاهِ،ولم تزلْكفّايَ آنيةً من الفخّارِتنضحُ،في اشتهاءِ الشّمسِ،                 جَنّةَ مائِها؛لتُبلَّ فوقَ الجسرِ        ذاكرةَ السّطوعْ٢٠١٩/١١/٣٠هيوستن