الثلاثاء، 11 نوفمبر 2014

عقلاء المجانين للنيسابوري

التفاصيل

كتاب طريف في موضوعه، وضعه صاحبه نزولاً عند رغبة نفر من أصحابه فقد أشار إلى ذلك في كتابه حيث قال: \"ولقد سألني بعض أصحابي عوداً على بدء أن أصنف كتاباً في ذكر عقلاء المجانين وأوصافهم وأخبارهم، وكنت أتعامس عنه إلى أن تمادى به السؤال، فلم أجد بدأً من إسعافه بطلبته، وإجابته إلى بغيته، تحرياُ لرضاه وتوخياُ لهواه\". ويغلب الظن أنه كان يحدث بمضمونه في مجالسه، ولما كان أبا القاسم واعظاً ملا بد أنه كان بحاجة في وعظه إيراد الأمثلة التي تساعد على الإقناع، وهل أفضل من الرجوع إلى من كابدوا العشق عامة، والعشق الإلهي على وجه الخصوص وسيلة لذلك، مما أفضى بهم إلى اعتزال الناس وهذا يسهل وصفهم بالمجانين من عامة الناس، وصاحبنا لم يدع أنه مبتكر هذا الفن، ولكنه أشار في كتابه هذا إلى من سبقوه في هذا المضمار وذكر منهم: الجاحظ، وابن أبي الدنيا، وأحمد بن لقمان، وأبا علي سهل بن علي البغدادي، وأشار إلى أن معالجة هؤلاء لهذا الموضوع شكلت جزءاً من كتاب، وكان في حداثة سنه سمع هذه الكتب، ثم تتبعها وتعقبها وضم إليها قرائنها، وعزاها إلى أصحابها وإليه يرجع فضل إفراد كتاب بعينه لهذا الموضوع مستفيداً مما رواه أسلافه، ومضيفاً ما شاهده وعاينه أو سمعه من محدثيه، وقد أكد لنا أنه ألف \"هذا الكتاب على غير سمت تلك الكتب، وهو كتاب يكفي الناظر فيه الترداد وتصفح الكتب، وأرجو أني لم أسبق إلى مثله\".وعند تقليبنا لصفحات الكتاب نلمس مقدار تفرده من سواه، فهو وإللغة، وأشار إلى الكتب التي وردت فيها الأمثال التي ضربها المؤلف، وذكر بعض الملاحظات حول الشعر وحول ما يتضمن من آيات قرآنية أو حديث أو مثل، كل ذلك بعد أن أشار إلى أماكن ورود التراجم للمجانين موضوع الكتاب ولم يرد المقارنة بين الأخبار لأن القصد من الإشارة هو تنبيه القارئ إلى شهرة من يكتب عنهم، وإرشاد من يريد الاستزادة في معرفة أخبارهم أو دراسة الظاهرة، إلى حيث يجب الرجوع. وبعد الفراغ عكف على وضع مقدمات للكتاب مع محاولة وضع ترجمة وافية للمؤلف وعرض في أخرى لمضمون الكتاب وقيمته.ن اتبع أمانة النقل والرواية، فقد حافظ على رواة أخباره ورجال السنة لديه، عملاً بالقاعدة المتبعة في رواية الحديث الشريف، وهذا يكسب العمل مصداقية وجدية. وقد صاغ أخباره بلغة عالية تنم عن عظيم اهتمامه. وإلى جان بالاهتمام بالموضوع، فقد أكسب المؤلف كتابه قيمة من خلال المنهج الذي اتبعه في العرض، غذ ابتدأ موضوعه بمعلومات مفيدة أضافت معارف لا بد منها، فابتدأ التعريف بحد الجنون في اللغة، ومن يطلق عليهم لقب المجانين، وكيف أن الأمم ترمي الأنبياء والرسل بالجنون، وقارن نعمة العقل بنقمة الجنون، وأورد المعاني المختلفة للجنون وما يطلق عليه من أسماء من مثل: المائق المعتوه، الموسوس... لينتقل إلى الأمثال المضروبة في الجنون والحمق، مشيراً إلى الحيوانات، مضرب المثل في الحمق، بعد استنفاد ذكر الآدميين، وجعل المجانين في زمر وجماعات وأورد الأسباب التي أدت بكل صنف أو جماعة إلى ما وصل إليه، ولم تفته الإشارة إلى من تظاهروا بالجنون لهدف يريدون بلوغه، وبين أن الزمن الذي يعيش فيه حري بأن يكون دولة الحمق والجهل لما يتمتع به الحمقى من حظوة ومكانة مقارنة بأصحاب العقول النيرة، وإحاطة بكل جوانب الموضوع لفت إلى أن مصاحبة الحمقى تجر على أصحابها الويلات والمصائب ونصح بمجانبتهم ومصاحبة ذوي الحجى، كل هذه كانت مقدمات لا بد منها للوصول إلى الموضوع الأساسي الذي بدأ فيه برواية أخبار جماعة من عقلاء المجانين ونسبتهم إلى بلدانهم، مسجلاً أقوالهم ومحاوراتهم ورسائلهم وأشعارهم أو ما تمثلوا به من أشعار سواهم، وبعد الفراغ من ذلك عرج على طوائف المجانين منهم مثل: مجانين الأعراب، ومجانين النساء منتهياً إلى مجانين مجهولين لا تعرف أسماؤهم ولكن تعرف أخبارهم وأشعارهم وما نطقوا به، وبذلك يكون قد استوفى الموضوع، وفاءً بما وعد به.ولا تقف قيمة الكتاب عند الإخبار عن عقلاء المجانين، بل تتعدى ذلك إلى نقل صورة اجتماعية للحياة العامة زمن المؤلف مما لم يتطرق إليها كتاب آخر، ويزودنا بأشعار لم نعثر عليها في الدواوين المنشورة بين أيدينا لأصحابها وقد أشرت إلى ذلك في موضعه، فهو من هذه الناحية يعد مرجعاً أدبياً، إلى جانب كونه مرجعاً تاريخياً اجتماعياً يعرض حياة الناس من عامة وخاصة ومتصوفة وزهاد، ف أماكن سكناهم سواء كانوا من سكان القصور الشامخة أو سكان المقابر والفلوات.ولما كان هذا الكتاب من أهم الكتب الموضوعة في بابه فقد اهتم \"نعيم حسين زرزور\" بتحقيقه، محاولاً أن يسد ما استطاع من نقص وجده في طبعات الكتاب المتعددة فاهتم من ناحية بتقويم اللغة حيثما لزم الأمر، وأغنى العمل بالحواشي التي تخدم القارئ بحيث لا يحتاج الرجوع إلى غيره من الكتب، فإلى تخريج الآيات القرآنية يشير إلى الكتب التي ورد فيها الحديث النبوي، ويعزو الشعر إلى قائله كلما استطاع، ويشير إلى موقعه في دواوين الشعراء أو سواها من المجاميع الأدبية، وخوفاً من دفع القارئ غير المتخصص في الأدب إلى الملل لم يذكر الاختلاف في ألفاظ الشعر مكتفياً بالإشارة إلى موقعه، ولكن الأهم في كل ذلك هو شرح المفردات التي وردت في الكتاب لأن اللغة العالية والعصر الذي كتبت فيه باعد بين المتلقي والألفاظ مما اضطره إلى إراحة القارئ من عناء البحث عن معاني المفردات في معاجم ا
http://www.mohamedrabeea.com/books/book1_14509.pdf

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

للنّاصرية…رعد السّيفي للنّاصريةِ..للنّاصريةْو مسيلُ نهرِ الدّمِ. يُسْقِطُ منْ سماءِ الجسرِ              أقماراً نديّةْ خُذْ يا صديقي دمعتي                  للنّاصريةْلمدينتي الأُخرى،لأمواجِ الفراتِ تَبلُّ أضلاعي بحزنِ الماءِ في..             فجرِ الدّماءْخُذني إلى لُغةِ المواقدِ، للكوانينِ العتيقةِ،للمسلّاتِ التّي تتأبطُ الأيامَ أسئلةً،و أسراراً، لِتَصعدَ حيثُ مرقى النّورِ          في الأرضِ النّبيةْ لقداسةِ الجسدِ المسَجّى فوقَ لؤلؤةِ الرّمادِ،لذلك الحزنِ المعَشِّشِ في زوايا الرّوحِيتركُ فوقَ غُصنِ نهاري المكسورِ وردَ الدّمعِ     في النّارِ النّديةْ!لتمائمِ الأرضِ التّي ظَلَّتْ مُعَلَّقةً بجيدِ الموجِ تحرسُ وحشةَ الماءِ الغريبِ مِنَ الحجرْ!لمضيفها الضوئيتسبقُهُ الشّوارعُ، و البساتينُ الفسيحةُ،و البيوتْ لعبيرِ قهوتِها المهَيَّلِ،و هو يُحييْ نكهةَ الحزنِ الحميمِ هناكَ؛حيثُ تمرُّ حنجرةُ الغناءِ بما تيسَّر من رمادِ الروحِ في ذكرى الخفوتْلروافدِ النّهرِ التّي ما انّفَكَ فيها الليلُ يسرجُ للمدينةِ…ما تبقّى من قناديلِ الكواكبِ،و الصّواري السّاهراتِعلى ظلاماتِ الجسورْ!خُذْ يا صديقي دمعتي..لا تهجعُ الكلماتُ في محرابِ ذاكَ الّليلِ..ساهرةٌ معي؛في دمعةِ الزّيتونِ؛يذرفُ أوّلَ الأحلامِ في شغفِ الّلذائذِ نحو علياءِ القبورْ! خُذْني فليسَ هناكَ من معنى لهذا الصوتِ في طُرقِ المدينةِ حينَ يسألُني نشيجُ النّهرِ عن قمرٍ تكسَّرَ في الجذورْ قدْ كانَ يحنو؛كي يعيذَ مواكبَ الأمواجِ      بالأنسامِ من قَنّاصةِ الرّيحِ الغريبةِوهي تُوغِلُ في النّحور!!تلُّ الجنائزِ يطرقُ الأب وابَ يُشْعِلُ في الرؤى غيمَ العذابِ المرَّفي عبثِ الظّلامْ تتفتّحُ الطُرقاتُ عن حشدٍ من الأرواحِ؛تبحثُ في بياضِ الفجرِعن حُلُمٍ ذبيحْ!قَدْ كانَ ينسجُ من حكايا الّليلِ لأغنيةً…لطيرِ الماءِفي النّهرِ الضريحْ!ركضت إلى اللا أينَتسحبُ رغبةَ الأنفاسِفي جثثٍ تُلوّحُ للنّهايةِ،             و هي تنأى؛إِذْ تَمرُّ هناكَ فوقَ أصابعِ الفجرِ الجريحْ!كانَ انتظارُ الموتِ يُشْبهُ شهقةً..ما كادَ يُطْلقُهامسيلُ الدّمِ كي يصحو؛ليغرقَ في سُباتِ الوقتِ حتّى يستريحْ!تلكَ المدينةُ..لم تزلْ تتوشّحُ الحزنَ النّبيْ من أوّلِ الأسماءِتغتسلُ الحروفُ بمائِهاحتّى هطولِ الحُلْمِ في ليلِ البنفسجِ، و هو يغرقُ في الدّماءْ!تلك المدينةُ..أجَّجَتْ في الّليلِ حزنَ الرّيحِ في الوطنِ الجريحْ معراجُها للشّمسِ يكبُرُ في دمي صرخاتُ قلبٍكُلَّما وَطَّنْتُها؛تَرْتَدُّ ثانيةً تصيحْ:قَدْ عادَ شيطانُ الرّمادِ بشهوةٍ وحشيّةٍ؛لتفوحَ عندَ الفجرِ رائحةُ الذّئابِ                         فصيحةً!!من صبحنا المذبوحِ، فوقَ الجسرِ،  في الأرضِ النّبيةْللنّاصريةِ...للنّاصريةْهذا غناءُ الرّوحِ..مَنْ يبكي هُناكَ كأنّما يبكي..مفاتيحَ الجِنانِ، و حكمةَ المدنِ القَصيّةْقَدْ راحَ يبكي الماءَ،و النّهرَ المسيّج بالشّموعْ يبكي اغترابَ الرّيحِ في الأبراجِ،فَيْضَ الكُحْلِ، مرتعشاً،    على سوطِ الدّموعْ قَدْ راحَ يبكيني بأفئدةٍ تُفَتِّشُ في مسيلِ الدّمِ عن سرٍّ تبرعمَمن شفاهِ الجرحِ لمْ يَمسَسْهُ خوفٌ خُطَّ في سِفْر الخشوعْ قَدْ ظَلَّ يصدحُ وحدُهُ للنّاصريةِ…لمْ يزلْ عطشُ الشّفاهِ،ولم تزلْكفّايَ آنيةً من الفخّارِتنضحُ،في اشتهاءِ الشّمسِ،                 جَنّةَ مائِها؛لتُبلَّ فوقَ الجسرِ        ذاكرةَ السّطوعْ٢٠١٩/١١/٣٠هيوستن