الخميس، 7 مارس 2013

العراق أمام تجربتين

 

العراق ومنذ الانقلاب الدموي الذي أطاح  بالملك الشاب رحمه الله 1958م . كان العراق و على الدوام يعيش تجارب سياسية ذات طابع لا انساني ,معظمها حافل بمشاهد القتل و الدم. أولهُ السحلُ في الشوارع وأخرهُ منصات الاعدام....
وليس منظر الدم وحده , الذي وحد تلك المشاهد ,بل هناك مشاهد أخرى , أرخت للعراق ومن أهمها نظام الحكم العسكري , أو عسكرة النظام , فقد كانت البداية مع الزعيم عبد الكريم قاسم مرورا بالعارفين عبد السلام وعبد الرحمن واخيرا البكر وأنتهينا بالمهيب الركن القائد العام للقوات المسلحة  بطل التحرير القومي {  اتهمبل } الرفيق صدام حسين..الذي هلك معه الحرث والنسل و ساد الخراب في البلاد وفي نفوس العباد...وكانت المقابر الجماعية في عصره بعدد النجمات المزيفة المركونة على كتفيه... وبعد ذالك  جاءت أقوام للحكم ,تحلم مرة بعسكرة صدام , فهي تقود كل شيء بنفسها او وكالة... ومرة اخرى تحلم برغيف عبد الكريم قاسم والفقراء من حوله.... وهي تجربة غريبة وخلطة غير متآلفة..نتج عنها معاناة كبيرة ومعها ما استطاع الناس فهم هويتهم السياسية  الحقيقية  حتى اللحظة ..وصار حياتهم تخضع لمقولة ( وياهم وياهم وعليهم عليهم ) , والامر الغريب الثاني , إن بغداد ما احتضنت حاكما من ولادةِ  بغداد أبداَ !!!                                             
أما الان وقد حررنا ؟؟ المحتل ؛ فقد صار العراق مختبرا كبيرا يسوسه رجال عرفوا بسيماهم....تحلقوا حوله وصاروا مُنظرين في كل الاختصاصات بفضله وحمده..ودخلنا في متاهات التنظير الخيالية الجامحة والتي لاتمت بصلة لأرض الواقع ؛ لان المُنظر في واد والناس تعيش في وادٍ اخر...                                                                               
والعراق لايعيش  وحيدا على كوكبه , فقد احاطت به الامم من كل حدب وصوب , ولابأس من أن يستغني الفرد من تجارب الاخرين ويستخلص منها العبر.. ولاسيما في الظروف التي يراد منها جر العراق الى المخططات الاقليمية ,وعودة الفاشية المجرمة..من خلال مظاهر عديدة وفي مقدمتها ما يسمى بالاقصاء والتهميش والعصيان المدني..وقد ظهر للعيان مؤخرا محاولة ادخال العراق في نفق الحرب الاهلية السورية  ,من  خلال الاعتداء على الجيش العراقي المرابط على أرضه وحدوده وهذا هو الفصل الثاني بعد أن طالت ايام المظاهرات وجُمعها وما زالت المحاولات جارية... أنْ نستأنس بتجارب الاخرين خير لنا من الانطواء على الذات.. فتجارب { يوغسلافيا } , { چيکوسلوفاکيا } من التجارب المعاصرة الشاخصة للعيان.. يوغسلافيا وبعد أن وصل الطغيان والتفرد بالحكم ما وصل اليه ؛ لم يرق للحاكم ان تستقل ولايتها وتعيش بهويتها الخاصة , بعدما شهدت استقلالا لكثير من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق 1990-1991 , فقد شن النظام حربا لاهوادة فيها على المدن المنفصلة ..واستمرت ثلاث سنين , كان العراق الداعم الاول والرئيسي لنظام الحكم الدكتاتوري في يوغسلافيا في عامة و بصورة خاصة في البوسنة والهرسك ؟؟ حتى اجرى تلفزيون العراق لقاءا مطولا مع الملحق العسكري اليوغسلافي المتبجح بانتصاراته على المسلمين والكروات..والغريب ان البوسنين المسلمين يعتبرون صدام شهيد وامريكا التي انقذتهم من الوحل والذل  مستعمرة ومتكبرة!!! , وبعدها لقن الاتحاد الاوربي والولايات المتحدة الامريكية النظام اليوغسلافي درسا عسكريا فائق الاهمية وانتهى الامر , أُنهيت الحرب مع توقيع اتفاقية دايتون للسلام عام 1995 باستقلال الشعوب وقيام دويلاتها. وتوفي المجرم ميلوسوفيتش عام 2006 في سجنه في لاهاي – هولاندا .               
أما التجربة الثانية هي تجربة جيكوسلوفاكيا , وعلى إثر انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 وظهور خلافات عدة بين الدولتين، تم الاتفاق على حل الاتحاد بين جمهورية التشيك وجمهورية سلوفاكيا عام 1992 وبذلك انتهت تشيكوسلوفاكيا فعلياً من الوجود. أُعلن قيام كل من جمهورية التشيك وجمهورية سلوفاكيا في العام المقبل , وكانت سلوفينيا قد استقلت فعليا قبلهما..                                           
ان هذه الدول قبيل الانفصال ولغير العارفين فهي بها متقاربة بشكل كبير جدا جدا في العادات والتقاليد والثقافة والدين وتشترك في الجغرافيا والتاريخ القديم والحديث ..الا انها بقيت تعاني من الانظمة الشيوعية الشمولية والعسكرية حتى حظيت بفرصتها في الاستقلال , وهي الان تعيش في تآخي وسلم , ويغلب على الظن أن النظر في تجارب الاخرين أمر لابأس به ؛ لوقف شلالات الدماء التي سالت وتسيل في سبيل أن يسوس الناس من يعتقد في داخله بأنه القائد الضرورة ...وفي خارجه يزين ذالك بشعارات أخرى..  أما من يعيش عكس ذالك في تأخي سلمي مدني تحت حاكم واحد دون اضطهاد , في دولة غير فدرالية او كونفدرالية فليته يخبرني    ...                                                                                     
الاهداء الى روح جنودنا الابطال الذين سقطوا يوم أمس في الرطبة غرب العراق..                                                         
جمال حسين مسلم                         
Jamalleksumery.blogspot.co.at

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

للنّاصرية…رعد السّيفي للنّاصريةِ..للنّاصريةْو مسيلُ نهرِ الدّمِ. يُسْقِطُ منْ سماءِ الجسرِ              أقماراً نديّةْ خُذْ يا صديقي دمعتي                  للنّاصريةْلمدينتي الأُخرى،لأمواجِ الفراتِ تَبلُّ أضلاعي بحزنِ الماءِ في..             فجرِ الدّماءْخُذني إلى لُغةِ المواقدِ، للكوانينِ العتيقةِ،للمسلّاتِ التّي تتأبطُ الأيامَ أسئلةً،و أسراراً، لِتَصعدَ حيثُ مرقى النّورِ          في الأرضِ النّبيةْ لقداسةِ الجسدِ المسَجّى فوقَ لؤلؤةِ الرّمادِ،لذلك الحزنِ المعَشِّشِ في زوايا الرّوحِيتركُ فوقَ غُصنِ نهاري المكسورِ وردَ الدّمعِ     في النّارِ النّديةْ!لتمائمِ الأرضِ التّي ظَلَّتْ مُعَلَّقةً بجيدِ الموجِ تحرسُ وحشةَ الماءِ الغريبِ مِنَ الحجرْ!لمضيفها الضوئيتسبقُهُ الشّوارعُ، و البساتينُ الفسيحةُ،و البيوتْ لعبيرِ قهوتِها المهَيَّلِ،و هو يُحييْ نكهةَ الحزنِ الحميمِ هناكَ؛حيثُ تمرُّ حنجرةُ الغناءِ بما تيسَّر من رمادِ الروحِ في ذكرى الخفوتْلروافدِ النّهرِ التّي ما انّفَكَ فيها الليلُ يسرجُ للمدينةِ…ما تبقّى من قناديلِ الكواكبِ،و الصّواري السّاهراتِعلى ظلاماتِ الجسورْ!خُذْ يا صديقي دمعتي..لا تهجعُ الكلماتُ في محرابِ ذاكَ الّليلِ..ساهرةٌ معي؛في دمعةِ الزّيتونِ؛يذرفُ أوّلَ الأحلامِ في شغفِ الّلذائذِ نحو علياءِ القبورْ! خُذْني فليسَ هناكَ من معنى لهذا الصوتِ في طُرقِ المدينةِ حينَ يسألُني نشيجُ النّهرِ عن قمرٍ تكسَّرَ في الجذورْ قدْ كانَ يحنو؛كي يعيذَ مواكبَ الأمواجِ      بالأنسامِ من قَنّاصةِ الرّيحِ الغريبةِوهي تُوغِلُ في النّحور!!تلُّ الجنائزِ يطرقُ الأب وابَ يُشْعِلُ في الرؤى غيمَ العذابِ المرَّفي عبثِ الظّلامْ تتفتّحُ الطُرقاتُ عن حشدٍ من الأرواحِ؛تبحثُ في بياضِ الفجرِعن حُلُمٍ ذبيحْ!قَدْ كانَ ينسجُ من حكايا الّليلِ لأغنيةً…لطيرِ الماءِفي النّهرِ الضريحْ!ركضت إلى اللا أينَتسحبُ رغبةَ الأنفاسِفي جثثٍ تُلوّحُ للنّهايةِ،             و هي تنأى؛إِذْ تَمرُّ هناكَ فوقَ أصابعِ الفجرِ الجريحْ!كانَ انتظارُ الموتِ يُشْبهُ شهقةً..ما كادَ يُطْلقُهامسيلُ الدّمِ كي يصحو؛ليغرقَ في سُباتِ الوقتِ حتّى يستريحْ!تلكَ المدينةُ..لم تزلْ تتوشّحُ الحزنَ النّبيْ من أوّلِ الأسماءِتغتسلُ الحروفُ بمائِهاحتّى هطولِ الحُلْمِ في ليلِ البنفسجِ، و هو يغرقُ في الدّماءْ!تلك المدينةُ..أجَّجَتْ في الّليلِ حزنَ الرّيحِ في الوطنِ الجريحْ معراجُها للشّمسِ يكبُرُ في دمي صرخاتُ قلبٍكُلَّما وَطَّنْتُها؛تَرْتَدُّ ثانيةً تصيحْ:قَدْ عادَ شيطانُ الرّمادِ بشهوةٍ وحشيّةٍ؛لتفوحَ عندَ الفجرِ رائحةُ الذّئابِ                         فصيحةً!!من صبحنا المذبوحِ، فوقَ الجسرِ،  في الأرضِ النّبيةْللنّاصريةِ...للنّاصريةْهذا غناءُ الرّوحِ..مَنْ يبكي هُناكَ كأنّما يبكي..مفاتيحَ الجِنانِ، و حكمةَ المدنِ القَصيّةْقَدْ راحَ يبكي الماءَ،و النّهرَ المسيّج بالشّموعْ يبكي اغترابَ الرّيحِ في الأبراجِ،فَيْضَ الكُحْلِ، مرتعشاً،    على سوطِ الدّموعْ قَدْ راحَ يبكيني بأفئدةٍ تُفَتِّشُ في مسيلِ الدّمِ عن سرٍّ تبرعمَمن شفاهِ الجرحِ لمْ يَمسَسْهُ خوفٌ خُطَّ في سِفْر الخشوعْ قَدْ ظَلَّ يصدحُ وحدُهُ للنّاصريةِ…لمْ يزلْ عطشُ الشّفاهِ،ولم تزلْكفّايَ آنيةً من الفخّارِتنضحُ،في اشتهاءِ الشّمسِ،                 جَنّةَ مائِها؛لتُبلَّ فوقَ الجسرِ        ذاكرةَ السّطوعْ٢٠١٩/١١/٣٠هيوستن