العراق أمام تجربتين
| |
بتاريخ : الأربعاء 06-03-2013 10:42 مساء
|
العراق ومنذ الانقلاب الدموي الذي أطاح بالملك الشاب رحمه الله 1958م . كان العراق و على الدوام يعيش تجارب سياسية ذات طابع لا انساني ,معظمها حافل بمشاهد القتل و الدم. أولهُ السحلُ في الشوارع وأخرهُ منصات الاعدام.... وليس منظر الدم وحده , الذي وحد تلك المشاهد ,بل هناك مشاهد أخرى , أرخت للعراق ومن أهمها نظام الحكم العسكري , أو عسكرة النظام , فقد كانت البداية مع الزعيم عبد الكريم قاسم مرورا بالعارفين عبد السلام وعبد الرحمن واخيرا البكر وأنتهينا بالمهيب الركن القائد العام للقوات المسلحة بطل التحرير القومي { اتهمبل } الرفيق صدام حسين..الذي هلك معه الحرث والنسل و ساد الخراب في البلاد وفي نفوس العباد...وكانت المقابر الجماعية في عصره بعدد النجمات المزيفة المركونة على كتفيه... وبعد ذالك جاءت أقوام للحكم ,تحلم مرة بعسكرة صدام , فهي تقود كل شيء بنفسها او وكالة... ومرة اخرى تحلم برغيف عبد الكريم قاسم والفقراء من حوله.... وهي تجربة غريبة وخلطة غير متآلفة..نتج عنها معاناة كبيرة ومعها ما استطاع الناس فهم هويتهم السياسية الحقيقية حتى اللحظة ..وصار حياتهم تخضع لمقولة ( وياهم وياهم وعليهم عليهم ) , والامر الغريب الثاني , إن بغداد ما احتضنت حاكما من ولادةِ بغداد أبداَ !!! أما الان وقد حررنا ؟؟ المحتل ؛ فقد صار العراق مختبرا كبيرا يسوسه رجال عرفوا بسيماهم....تحلقوا حوله وصاروا مُنظرين في كل الاختصاصات بفضله وحمده..ودخلنا في متاهات التنظير الخيالية الجامحة والتي لاتمت بصلة لأرض الواقع ؛ لان المُنظر في واد والناس تعيش في وادٍ اخر... والعراق لايعيش وحيدا على كوكبه , فقد احاطت به الامم من كل حدب وصوب , ولابأس من أن يستغني الفرد من تجارب الاخرين ويستخلص منها العبر.. ولاسيما في الظروف التي يراد منها جر العراق الى المخططات الاقليمية ,وعودة الفاشية المجرمة..من خلال مظاهر عديدة وفي مقدمتها ما يسمى بالاقصاء والتهميش والعصيان المدني..وقد ظهر للعيان مؤخرا محاولة ادخال العراق في نفق الحرب الاهلية السورية ,من خلال الاعتداء على الجيش العراقي المرابط على أرضه وحدوده وهذا هو الفصل الثاني بعد أن طالت ايام المظاهرات وجُمعها وما زالت المحاولات جارية... أنْ نستأنس بتجارب الاخرين خير لنا من الانطواء على الذات.. فتجارب { يوغسلافيا } , { چيکوسلوفاکيا } من التجارب المعاصرة الشاخصة للعيان.. يوغسلافيا وبعد أن وصل الطغيان والتفرد بالحكم ما وصل اليه ؛ لم يرق للحاكم ان تستقل ولايتها وتعيش بهويتها الخاصة , بعدما شهدت استقلالا لكثير من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق 1990-1991 , فقد شن النظام حربا لاهوادة فيها على المدن المنفصلة ..واستمرت ثلاث سنين , كان العراق الداعم الاول والرئيسي لنظام الحكم الدكتاتوري في يوغسلافيا في عامة و بصورة خاصة في البوسنة والهرسك ؟؟ حتى اجرى تلفزيون العراق لقاءا مطولا مع الملحق العسكري اليوغسلافي المتبجح بانتصاراته على المسلمين والكروات..والغريب ان البوسنين المسلمين يعتبرون صدام شهيد وامريكا التي انقذتهم من الوحل والذل مستعمرة ومتكبرة!!! , وبعدها لقن الاتحاد الاوربي والولايات المتحدة الامريكية النظام اليوغسلافي درسا عسكريا فائق الاهمية وانتهى الامر , أُنهيت الحرب مع توقيع اتفاقية دايتون للسلام عام 1995 باستقلال الشعوب وقيام دويلاتها. وتوفي المجرم ميلوسوفيتش عام 2006 في سجنه في لاهاي – هولاندا . أما التجربة الثانية هي تجربة جيكوسلوفاكيا , وعلى إثر انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 وظهور خلافات عدة بين الدولتين، تم الاتفاق على حل الاتحاد بين جمهورية التشيك وجمهورية سلوفاكيا عام 1992 وبذلك انتهت تشيكوسلوفاكيا فعلياً من الوجود. أُعلن قيام كل من جمهورية التشيك وجمهورية سلوفاكيا في العام المقبل , وكانت سلوفينيا قد استقلت فعليا قبلهما.. ان هذه الدول قبيل الانفصال ولغير العارفين فهي بها متقاربة بشكل كبير جدا جدا في العادات والتقاليد والثقافة والدين وتشترك في الجغرافيا والتاريخ القديم والحديث ..الا انها بقيت تعاني من الانظمة الشيوعية الشمولية والعسكرية حتى حظيت بفرصتها في الاستقلال , وهي الان تعيش في تآخي وسلم , ويغلب على الظن أن النظر في تجارب الاخرين أمر لابأس به ؛ لوقف شلالات الدماء التي سالت وتسيل في سبيل أن يسوس الناس من يعتقد في داخله بأنه القائد الضرورة ...وفي خارجه يزين ذالك بشعارات أخرى.. أما من يعيش عكس ذالك في تأخي سلمي مدني تحت حاكم واحد دون اضطهاد , في دولة غير فدرالية او كونفدرالية فليته يخبرني ... الاهداء الى روح جنودنا الابطال الذين سقطوا يوم أمس في الرطبة غرب العراق.. جمال حسين مسلم Jamalleksumery.blogspot.co.at |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق