الاثنين، 24 يونيو 2013

الاغنية العراقية وأثرها في بناء أو تخريب الذائقة

المطرب الكبير المتألق قحطان العطار

*****
الاغنية العراقية رافد من أهم روافد المشهد الثقافي العراقي , ولاسيما المتعلق بالفنون السمعية والبصرية , والحقيقية ان المشهد العراقي الثقافي كله يؤثر تأثيرا مباشرا في بناء الذائقة الفنية , لكل ماهو نبيل وجميل في عالمنا المحسوس هذا..ولكن الاغنية العراقية  كونت  بناء خاصا بها في الشارع العراقي ,والحديث عن الاغنية , هو الحديث عن الاغنية العراقية بأركانها المكتملة من المؤلف الى الملحن الى الفنان المغني الى التوزيع والفرقة الموسيقية ومن ثم الاستوديو والفنيين العاملين خلف الكاميرا والاجهزة الى الناقد الموسيقي,, ,, كلهم وحدة واحدة,وقد أُترفَ العراق في مرحلة من مراحل الزمن , بحلقة ذهبية أن لم نقل ماسية , كتبت بسطور من ذهب حقبة مهمة من تاريخ الفن العراقي تلك الحقبة الستينية و السبعينية والثمانينية وماقبلها ايضا ولاشك في ذلك ..غير أنني متردد في قبول التسعينيات وما بعدها لاسباب كثيرة ,ومع ذلك لايمكن التعميم والاطلاق..                            
الاغنية العراقية في عقودها الخمسينية والستينية والذهبي في السبيعنيات , رسمت ذائقة المستمع العراقي وأوصلتها الى مرحلة النضج الكلي والقدرة الكافية على تميز العمل الجيد من الرديء , وبعد ذالك جعلت منه متذوقا يستطيع ان يبني شخصه  وعلاقته ضمن مفاهيم جميلة ونبيلة ترسخت في طبيعته الانسانية بصورة تلقائية..  حيث يتعلم الحب النبيل للاخرين . وحملوا رسائله للمجتمع وكان ذالك التعليم دون مقابل ؛ لانك وببساطة تستمع لعشرات الروائع الموسيقية والكلمات الراقية والاصوات العذبة حد الطرب والتغني معها ,وايضا دون مقابل ,وتعددت الاسماء في سماء المشهد العراقي وصاغوا قلادة ذهبية على جيدٍ من المرمر... وأنت تستمع الى ياس خضر , سعدون جابر , فؤاد سالم ,حسين نعمة , رياض أحمد, قحطان العطار , كمال محمد , فاضل عواد , احمد نعمة , اسماعيل قاسم , كريم حسين , انور محمود ,وحيد علي , كاظم الساهر, محمد السامر, الشامي ,ومائدة نزهت , امل خضير , وسيتاهاكوبيان وانوار عبد الوهاب, سهام , اديبة, سيناء , فريدة,  ومن قبلهم نجوم زاهرة وكواكب لامعة من القبنجي الى الغزالى الى سليمة مراد  , زهور حسين ,لميعة توفيق ,  عفيفة اسكندر..{ مع كامل اعتذاري لباقي مطربي المرحلة وملحنيها واهلها لعدم اتساع الموضوع لذكر الجميع } ؛ والمسألة ببساطة , تعتمد على الاستماع اليومي تقريبا لمشهد ثقافي متكامل ومتنوع بجماله , يعتمد على مدارس صوتية وتلحينية مختلفة ,,فكأن المستمع  يدرس في مدارس متعددة في يوم واحد ,وبعد شيء من الزمن يكون قد تخرج من عدة مدارس في آن واحد , وقد حمل شهادة عالية في الذوق وبناء الشخصية , وكل ذلك مجان , ودون مقابل ,  وهو عبارة عن عطاء  وجهد كبير في بناء الانسان والتاريخ  وقد يتطلب في بعض الاحيان التضحية من الفنان في مقابل استمرار هذا العطاء دون اي مردود مادي الا ماتطلب للعيش .                                                                     
وجاء الانقلاب العسكري السخيف على ذائقة المجتمع العراقي من خلال طرق عدة ومن أهمها الاغنية العراقي مع مجيء اذاعة الشباب العائدة لنجل الدكتاتور السابق في العراق.. وكان تسعينيات القرن الماضي تشهد انعطافا تاريخيا كبيرا في الذائقة الفنية العراقية..حيث انقطاع التواصل بين الموروث العراقي الفني الذهبي وبين الاجيال الجديدة , وتم خلط الاوراق وفساد الذائقة كان نتيجة حتمية ,محسوب لها ان تكون هكذا ..فقد تم تحويل المشاهد والمستمع العراقي المتذوق للفن الجميل الى هوية مجهولة قائمة على سماع ارذل الاصوات وابشع الكلمات ,وحتى اللحظة يدفع المستمع العراقي الثمن غاليا ؛ ولايدري كيفية الخروج من هذا المأزق الثقافي الكبير.. ولكن الذي خطط للموضوع لايعي , بأن الشعوب لاتموت وان التاريخ يكتب من جديد مهما استطال الظلام..فلابد من انامل خيرة تتصدى لهذا المشهد وتعيد العراق وفنه الى جادة الصواب ,وان تطلب ذالك ثمنا كبيرا , والمشكلة الكبرى التي ترهق المتتبع والمثقف العراقي في ان واحد ,تتمثل في كوننا , نعتبر ان فترة الغناء العراقي الذهبي , تعتبر الان من الفلكلور والموروث الثقافي , فهل ستصبح اغنية اليوم { كبد بد او باك محفظتي } مثلا بعد عقدين من الزمن موروثا عراقيا ؟؟؟؟انها كارثة حقيقية ,ام سنصبح بدون موروث وهي كارثة ايضا ؟؟؟؟ وكيف نعيد العراق الى خارطة الطريق الصحيح للاغنية العراقية بحيث تعيش حالة التطور الطبيعي , كما عاشته في دول الجوار العربي ,ووصلته اليه الان بسلسلة زمنية محترمة لم تتعرض فيها الى هجوم الاوباش , الذين تسلطوا على رقاب الشعب العراقي ,وهدموا كل مقتنياته الجميلة.. اظن مع وجود المثقف العراقي وعمالقة الفن وثلة من الشباب الواعي ,ارى املا يلوح في الافق لاعادة ذائقة المستمع العراقي الى ما كانت عليه , ان اردنا ذالك ووفرنا الامكانيات الحقيقية للوصل الى الهدف النبيل , الهدف الاسمى..                                      
جمال حسين مسلم


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

للنّاصرية…رعد السّيفي للنّاصريةِ..للنّاصريةْو مسيلُ نهرِ الدّمِ. يُسْقِطُ منْ سماءِ الجسرِ              أقماراً نديّةْ خُذْ يا صديقي دمعتي                  للنّاصريةْلمدينتي الأُخرى،لأمواجِ الفراتِ تَبلُّ أضلاعي بحزنِ الماءِ في..             فجرِ الدّماءْخُذني إلى لُغةِ المواقدِ، للكوانينِ العتيقةِ،للمسلّاتِ التّي تتأبطُ الأيامَ أسئلةً،و أسراراً، لِتَصعدَ حيثُ مرقى النّورِ          في الأرضِ النّبيةْ لقداسةِ الجسدِ المسَجّى فوقَ لؤلؤةِ الرّمادِ،لذلك الحزنِ المعَشِّشِ في زوايا الرّوحِيتركُ فوقَ غُصنِ نهاري المكسورِ وردَ الدّمعِ     في النّارِ النّديةْ!لتمائمِ الأرضِ التّي ظَلَّتْ مُعَلَّقةً بجيدِ الموجِ تحرسُ وحشةَ الماءِ الغريبِ مِنَ الحجرْ!لمضيفها الضوئيتسبقُهُ الشّوارعُ، و البساتينُ الفسيحةُ،و البيوتْ لعبيرِ قهوتِها المهَيَّلِ،و هو يُحييْ نكهةَ الحزنِ الحميمِ هناكَ؛حيثُ تمرُّ حنجرةُ الغناءِ بما تيسَّر من رمادِ الروحِ في ذكرى الخفوتْلروافدِ النّهرِ التّي ما انّفَكَ فيها الليلُ يسرجُ للمدينةِ…ما تبقّى من قناديلِ الكواكبِ،و الصّواري السّاهراتِعلى ظلاماتِ الجسورْ!خُذْ يا صديقي دمعتي..لا تهجعُ الكلماتُ في محرابِ ذاكَ الّليلِ..ساهرةٌ معي؛في دمعةِ الزّيتونِ؛يذرفُ أوّلَ الأحلامِ في شغفِ الّلذائذِ نحو علياءِ القبورْ! خُذْني فليسَ هناكَ من معنى لهذا الصوتِ في طُرقِ المدينةِ حينَ يسألُني نشيجُ النّهرِ عن قمرٍ تكسَّرَ في الجذورْ قدْ كانَ يحنو؛كي يعيذَ مواكبَ الأمواجِ      بالأنسامِ من قَنّاصةِ الرّيحِ الغريبةِوهي تُوغِلُ في النّحور!!تلُّ الجنائزِ يطرقُ الأب وابَ يُشْعِلُ في الرؤى غيمَ العذابِ المرَّفي عبثِ الظّلامْ تتفتّحُ الطُرقاتُ عن حشدٍ من الأرواحِ؛تبحثُ في بياضِ الفجرِعن حُلُمٍ ذبيحْ!قَدْ كانَ ينسجُ من حكايا الّليلِ لأغنيةً…لطيرِ الماءِفي النّهرِ الضريحْ!ركضت إلى اللا أينَتسحبُ رغبةَ الأنفاسِفي جثثٍ تُلوّحُ للنّهايةِ،             و هي تنأى؛إِذْ تَمرُّ هناكَ فوقَ أصابعِ الفجرِ الجريحْ!كانَ انتظارُ الموتِ يُشْبهُ شهقةً..ما كادَ يُطْلقُهامسيلُ الدّمِ كي يصحو؛ليغرقَ في سُباتِ الوقتِ حتّى يستريحْ!تلكَ المدينةُ..لم تزلْ تتوشّحُ الحزنَ النّبيْ من أوّلِ الأسماءِتغتسلُ الحروفُ بمائِهاحتّى هطولِ الحُلْمِ في ليلِ البنفسجِ، و هو يغرقُ في الدّماءْ!تلك المدينةُ..أجَّجَتْ في الّليلِ حزنَ الرّيحِ في الوطنِ الجريحْ معراجُها للشّمسِ يكبُرُ في دمي صرخاتُ قلبٍكُلَّما وَطَّنْتُها؛تَرْتَدُّ ثانيةً تصيحْ:قَدْ عادَ شيطانُ الرّمادِ بشهوةٍ وحشيّةٍ؛لتفوحَ عندَ الفجرِ رائحةُ الذّئابِ                         فصيحةً!!من صبحنا المذبوحِ، فوقَ الجسرِ،  في الأرضِ النّبيةْللنّاصريةِ...للنّاصريةْهذا غناءُ الرّوحِ..مَنْ يبكي هُناكَ كأنّما يبكي..مفاتيحَ الجِنانِ، و حكمةَ المدنِ القَصيّةْقَدْ راحَ يبكي الماءَ،و النّهرَ المسيّج بالشّموعْ يبكي اغترابَ الرّيحِ في الأبراجِ،فَيْضَ الكُحْلِ، مرتعشاً،    على سوطِ الدّموعْ قَدْ راحَ يبكيني بأفئدةٍ تُفَتِّشُ في مسيلِ الدّمِ عن سرٍّ تبرعمَمن شفاهِ الجرحِ لمْ يَمسَسْهُ خوفٌ خُطَّ في سِفْر الخشوعْ قَدْ ظَلَّ يصدحُ وحدُهُ للنّاصريةِ…لمْ يزلْ عطشُ الشّفاهِ،ولم تزلْكفّايَ آنيةً من الفخّارِتنضحُ،في اشتهاءِ الشّمسِ،                 جَنّةَ مائِها؛لتُبلَّ فوقَ الجسرِ        ذاكرةَ السّطوعْ٢٠١٩/١١/٣٠هيوستن