السبت، 2 يناير 2016

لا أكترثُ بتحريرِ مدينة الرمادي


    
        

جمال حسين مسلم                                                                                                                   

تسابقتْ وكالات الأنباء العالمية والعربية والمحلية ؛ لتتناقل خبر تحرير مدينة الرمادي العراقية { 100 كم غربا } عن بغداد ,وتخليصها من يد المحتل الداعشي , مدينة الرمادي عاصمة محافظة الأنبار , كانتْ قد سقطت قبل ستة أشهر بيد المحتل الداعشي في مشهد مسرحي ممنهج  يثير الشفقة ويثير عديد الشكوك  لدى المهتم في الشأن العراقي , الكوك حول كيفية السقوط وردة فعل الحكومة العراقية لما بعد مشهد السقوط.. فمشهد مابعد السقوط  كان من المشاهد المؤثرة في النفس الانسانية ومن المشاهد التي تؤرخ لهذه الحقبة التاريخية السوداء في حياة المواطن العراقي عموما ولابن الانبار خصوصا ولابن الرمادي بشكل أدق من سابقه ؛ حيث بقيت هذه المدن الواقعة في غرب العراق تعيش حالة اضطراب  كاملة منذ سقوط النظام السابق في 2003م وإلى الآن ..فقد تقاذفتها الأمواج في أكثر من مناسبة وتشرذمت الجماعات التي تقطنها وصارت موزعة بين أقطاب الدول المتصارعة مذهبيا في العراق وبين مصالح الدول الطامعة اقتصاديا وسياسيا في العراق ..وكان المواطن الأنباري ضحية هذا وذاك في أكثر من مناسبة...حتى شهد  جسر { بزيبز } على ذلك وتحمّل أقدام الهاربين من حجيم داعش  والسير نحو المجهول  في معيشة المخيمات وأشكال العذاب في النزوح واللجوء , وإنْ كان داخل الوطن الواحد , ومنهم من قرر العبث بأمن الوطن والالتحاق بالغرباء المحتلين تحت رايات السواد ..والتي تُعلنُ عن فصل جديد من البربرية والهمجية وإنْ كانت بدعم من دول الغرب الديمقراطي ,تلك الدول الساكتة بحسب توجهات براميل النفط التي  تغادر موانيء الخليج العربي بأتجاه المصارف السويسرية. هكذا كانت قصة الرمادي والتي تشبة باقي القصص في العراق كله.. وبعد حين من الزمن  فقد  تجحفل الجيش  وابناء وزارة الداخلية العراقية مع الشرفاء من ابناء العشائر الانبارية  وقاتلوا كالبنيان المرصوص في سبيل الله وبعد سيل من دماء الشهداء الذي سقطوا في المعركة تمّ تحرير الجزء الأكبر من هذه المدينة الكبيرة..وهنا  تبادرت إلى ذهني مجموعة من الهواجس المخيفة ..تمثلت في سؤالٍ بسيط ,لماذا ندفع بابنائنا لتحرير مدنية الرمادي العراقية مثلا, وكلنا مؤمن بأنها { من الممكن جدا } أنْ تعود لاحضان الغرباء المحتلين الدواعش في أي وقتٍ وتحتَ أي ظرفٍ أو مبررٍ...ومن ثم نغض النظر عن الجاني والمسبب ؛ لاسباب يعرفها كل عراقي ,كما حدث هذا في  سقوط الموصل وصلاح الدين ,ومصفاة بيجي النفطية  , فبعد كل سقوط عسكري مدوي , تلجأ الحكومة العراقية  وبرلمانها وقنواتها الاعلامية إلى تبادل التهم والتجريم وبيع البطولات الفاضية ...ثم يحال الأمر إلى لجنة تحقيقية هزيلة ,مثل ماحدث  في مهزلة لجنة سقوط الموصل ولجنة التحقيق في دريمة سبايكر.... وبعدها نعد العدة من جديد ويستغرق الأمر أكثر من عام لتحرير مدينة سقطت بيوم واحد أو يومين..!! بيد مجموعة مسلحة  ترتدي السراويل وتحاك حولها أساطير قناة الجزيرة ومن لف لفها من قنوات العهر العربي الاعلامي...مجموعة من متوحشي الارض تتاجر باسم الدين { وان كان في كثير من كتب التراث ما يلامس افكارها فعلا } وتتاجر مع كل الدول المعنية بالقضية سرا وعلانية , فمن يدعمنا في حربنا ضد هؤلاء الغرباء  يزودهم بكل ما يحتاجون من معلومات وأسلحة في الوقت نفسه ..وكلنا على دراية بالموضوع... فكم نحتاج من التضحيات في سبيل تحرير العراق مثلا من هؤلاء..ومن هم الذين سيضحون بأنفسهم ؟؟ ومن سيتفرج عليهم فقط ؟؟ من هنا فأنا غير فرح بتحرير  مدينة الرمادي ولا غيرها ؛ فلا الناس ناسي ولا الجيران جيراني ..ولا العراق واحد موحد  يستحق الدفاع عن كل شبر منه...فكل شبر منه مسجل باسم جهة معينة وهذه حقيقة لابد من  التعامل معها  كواقع معاش كما أظن...قضايا الوطن شائكة ومعقدة وتتجه نحو المستقبل الغامض ونحن نحلم بوطن واحد موحد ولكن أحلامنا صارت غير مقبولة في كثير من الأحيان.     

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

للنّاصرية…رعد السّيفي للنّاصريةِ..للنّاصريةْو مسيلُ نهرِ الدّمِ. يُسْقِطُ منْ سماءِ الجسرِ              أقماراً نديّةْ خُذْ يا صديقي دمعتي                  للنّاصريةْلمدينتي الأُخرى،لأمواجِ الفراتِ تَبلُّ أضلاعي بحزنِ الماءِ في..             فجرِ الدّماءْخُذني إلى لُغةِ المواقدِ، للكوانينِ العتيقةِ،للمسلّاتِ التّي تتأبطُ الأيامَ أسئلةً،و أسراراً، لِتَصعدَ حيثُ مرقى النّورِ          في الأرضِ النّبيةْ لقداسةِ الجسدِ المسَجّى فوقَ لؤلؤةِ الرّمادِ،لذلك الحزنِ المعَشِّشِ في زوايا الرّوحِيتركُ فوقَ غُصنِ نهاري المكسورِ وردَ الدّمعِ     في النّارِ النّديةْ!لتمائمِ الأرضِ التّي ظَلَّتْ مُعَلَّقةً بجيدِ الموجِ تحرسُ وحشةَ الماءِ الغريبِ مِنَ الحجرْ!لمضيفها الضوئيتسبقُهُ الشّوارعُ، و البساتينُ الفسيحةُ،و البيوتْ لعبيرِ قهوتِها المهَيَّلِ،و هو يُحييْ نكهةَ الحزنِ الحميمِ هناكَ؛حيثُ تمرُّ حنجرةُ الغناءِ بما تيسَّر من رمادِ الروحِ في ذكرى الخفوتْلروافدِ النّهرِ التّي ما انّفَكَ فيها الليلُ يسرجُ للمدينةِ…ما تبقّى من قناديلِ الكواكبِ،و الصّواري السّاهراتِعلى ظلاماتِ الجسورْ!خُذْ يا صديقي دمعتي..لا تهجعُ الكلماتُ في محرابِ ذاكَ الّليلِ..ساهرةٌ معي؛في دمعةِ الزّيتونِ؛يذرفُ أوّلَ الأحلامِ في شغفِ الّلذائذِ نحو علياءِ القبورْ! خُذْني فليسَ هناكَ من معنى لهذا الصوتِ في طُرقِ المدينةِ حينَ يسألُني نشيجُ النّهرِ عن قمرٍ تكسَّرَ في الجذورْ قدْ كانَ يحنو؛كي يعيذَ مواكبَ الأمواجِ      بالأنسامِ من قَنّاصةِ الرّيحِ الغريبةِوهي تُوغِلُ في النّحور!!تلُّ الجنائزِ يطرقُ الأب وابَ يُشْعِلُ في الرؤى غيمَ العذابِ المرَّفي عبثِ الظّلامْ تتفتّحُ الطُرقاتُ عن حشدٍ من الأرواحِ؛تبحثُ في بياضِ الفجرِعن حُلُمٍ ذبيحْ!قَدْ كانَ ينسجُ من حكايا الّليلِ لأغنيةً…لطيرِ الماءِفي النّهرِ الضريحْ!ركضت إلى اللا أينَتسحبُ رغبةَ الأنفاسِفي جثثٍ تُلوّحُ للنّهايةِ،             و هي تنأى؛إِذْ تَمرُّ هناكَ فوقَ أصابعِ الفجرِ الجريحْ!كانَ انتظارُ الموتِ يُشْبهُ شهقةً..ما كادَ يُطْلقُهامسيلُ الدّمِ كي يصحو؛ليغرقَ في سُباتِ الوقتِ حتّى يستريحْ!تلكَ المدينةُ..لم تزلْ تتوشّحُ الحزنَ النّبيْ من أوّلِ الأسماءِتغتسلُ الحروفُ بمائِهاحتّى هطولِ الحُلْمِ في ليلِ البنفسجِ، و هو يغرقُ في الدّماءْ!تلك المدينةُ..أجَّجَتْ في الّليلِ حزنَ الرّيحِ في الوطنِ الجريحْ معراجُها للشّمسِ يكبُرُ في دمي صرخاتُ قلبٍكُلَّما وَطَّنْتُها؛تَرْتَدُّ ثانيةً تصيحْ:قَدْ عادَ شيطانُ الرّمادِ بشهوةٍ وحشيّةٍ؛لتفوحَ عندَ الفجرِ رائحةُ الذّئابِ                         فصيحةً!!من صبحنا المذبوحِ، فوقَ الجسرِ،  في الأرضِ النّبيةْللنّاصريةِ...للنّاصريةْهذا غناءُ الرّوحِ..مَنْ يبكي هُناكَ كأنّما يبكي..مفاتيحَ الجِنانِ، و حكمةَ المدنِ القَصيّةْقَدْ راحَ يبكي الماءَ،و النّهرَ المسيّج بالشّموعْ يبكي اغترابَ الرّيحِ في الأبراجِ،فَيْضَ الكُحْلِ، مرتعشاً،    على سوطِ الدّموعْ قَدْ راحَ يبكيني بأفئدةٍ تُفَتِّشُ في مسيلِ الدّمِ عن سرٍّ تبرعمَمن شفاهِ الجرحِ لمْ يَمسَسْهُ خوفٌ خُطَّ في سِفْر الخشوعْ قَدْ ظَلَّ يصدحُ وحدُهُ للنّاصريةِ…لمْ يزلْ عطشُ الشّفاهِ،ولم تزلْكفّايَ آنيةً من الفخّارِتنضحُ،في اشتهاءِ الشّمسِ،                 جَنّةَ مائِها؛لتُبلَّ فوقَ الجسرِ        ذاكرةَ السّطوعْ٢٠١٩/١١/٣٠هيوستن