الأحد، 4 مارس 2018

شاهدةُ البدوي الذّي لم يرَ وجههُ أَحَد

 للشاعر الدكتور رعد رحمه السيفي                  
يَنحتُ الرّملُ وجهكَ،
تَنحتُهُ الرّيحُ
يُطِلُّ على الأُفقِ
صنوءٌ ذبيحُ
تسيلُ الدّماءُ...
وينسابُ حزنٌ فسيحُ
مِن° أمامِكَ
آجرةُ الوهمِ تلهجُ..
تأخذُ شَكلَ الرّخام°
تُدّونُ تاريخَ بدءِ الخليقةِ،
بدءِ النّهاياتِ
حيثُ خريفُكَ يجلسُ
فوقَ بقايا الرّمادِ
كأيقونةٍ للظّلام°
بانتظار الصّباح..
تأبّطتَ مخطوطةَ الصّمتِ،
آذنتَ بالرّملِ أن° يَتَجمّعَ حولَكَ
أن° تنحتَ الرّيحُ وجهكَ
أن° ترتقي في المتاهةِ
فوقَ الرّكام°
تُحلّقُ.. تعلو
وتسقطُ وحدكَ
فوقَ الحطام°.
الحطام° الذّي راحَ يأخذُ
من اسمِكَ الّلغزِ
شاهدةً!
وأنتَ بأعلى المتاهةِ
ظِلٌّ ذبيحُ.
يخوضُ الدّماءَ
يدافعُ بالصمتِ
عن طعنةٍ تستريحُ
على جسدٍ ناحلٍ
تضوّعَ من شهقة الجرحِ
آسٌ وشيحُ،
وآنسَ نَصلاً
تغوّلَ بين الأضالعِ
مرَّ سريعاً..
فَهبّت° من الوجدِ
روحٌ تصيحُ!
تساقطَ منها غبارُ المواجيدِ
حيثُ الطّريقُ الى عالمِ الضّوءِ
يختمُ وجة الرّمالِ
فيعيا الّلسانُ الفصيحُ!
ويسقطُ في شهوةِ الجمرِ مشتعلاً
إِذ° يلوحُ لعينيهِ
ذاكَ الفضاءُ الفسيحُ
لِيسكُنَ في نقطةِ البدءِ
حيثُ المتاهةُ مكشوفةٌ
والطريقُ رمالٌ وريحُ!

أنتَ أتممتَ طقسَ انطفائِكَ
بين رمادِ الحرائقِ منتظراً
أن° تُغَنّي!
كانَ صوتُكَ يعلو
ليستر عُريَ الحقيقةِ،
وهي تَلُوحُ أَمامكَ داميةً
تُراودُ مملكةً
تحتَ تلكَ الرمال°
تُعَمّقُ صَمتَ انعزالك عن لحظاتِ الدّهور°،
تُراقبُها كيفَ كانت° تَدور°
أكانَت° تُدافعُ عنكَ القصيدةُ
حينَ تَرَنّحتَ تحتَ النّصال°؟
أَفاءت° إِليكَ.. وأنتَ تُحدّقُ مندهشاً
في ضجيجِ المآل°؟
أكُنتَ تُتَمتِمُ منتظراً أن° تكون°؛
كبرقٍ يُتوِّجُ موجَ السّكون°؟
تكشفُ السّرَّ
تُنشدُ حكمتكَ الأزليّةَ
تقرأُ حبرَ الشّواهدِ
إذ°تطأُ الأرضَ عاريةً
تضيئُ قليلاً... وتمضي
تأمّلتَ دفقَ الدّماءِ
تُلَطِّخُ كلتا يديكَ،
وأنتَ تُدوّنُ للوقتِ رحلتَهُ
إنّهُ العالمُ المرُّ
يكشفُ عن وجهه المتأرجحِ
بين الحقيقةِ والوهمِ،
بين انكسارِ الوجود، وظِلِّ العَدَم°
ها هو الآنَ عالمُكَ المرُّ
يخلعُ هالاتِهِ،
وَيُثمِرُ في وجهِ هذا الضجيجِ من الطعنات°!
وهو يشحذُ سِكّينَهُ
في حروفِ القصائدِ!
أنتَ وحدكَ تعلمُ
كيفَ تَسَلّلَ ذئبُ المتاهةِ؛
كيفَ أقامَ على شجرِ الحُلمِ
طقسَ اعتناقِ الزّوال°؟
وأنتَ تُحدّقُ بين العصورِ
بعينين مأخوذتين!
وتطوي الظّلامَ المراوغَ
خلفَ سياجِ الحديقةِ
حيثُ الثّواني تعبرُ بين المجرّاتِ
سهمُ يدور°

يعتُمُ الّلونُ ثانيةً
فيعلو الغبارُ
يَنحتُ الرّملُ وجهكَ
تنحتُهُ الرّيحُ
يعودُ النّهارُ
تجرحُ الصّمتَ شَهقتُهُ
وأنتَ هنالكَ
في بقعةِ الدّمِ تصعدُ،
كأنَّ سياجَ الحديقةِ يبتَلُّ بالهمسِ
حيثُ الطريقُ الى القبرِ باردةٌ.
بينَ رجعِ النّصالِ،
وبين النداءاتِ..تصعدُ
تُبصِرُ غيمَ الحرائقِ
يهبطُ حولَ جراحِكَ
تُبصرُ غُصنَ السّلامِ الذّي
كُنتَ تعشقُ مُنكَسِراً !
كأنَّ حفيفاً من الظِلِّ يأتي إليكَ
تؤطِّرُهُ نغمةُ الصّوتِ
حيثُ المباهجُ تأتيكَ ذاويةً
وأنتَ تُطلُّ
كأنّكَ تُبصرُ لونَ الشوارعِ يذبُلُ،
والدورَ تذبُلُ، واللافتاتِ على الأَسيجة°!
كأنّكَ تعلمُ أنَّ الأغاني
سَتُنسى!
وأنّ المسّراتِ تذوي
ولم يبقَ شيئٌ
مِنَ الّلذةِ المبهجة°!
إذ° تَسَلّلَ وجهُ الظّلامِ
إلى داخلِ الرّوحِ
حيثُ تصوغُ انتظارَك،
تحفُرُ في شجرِ الصّمتِ أُغنيةً
ليسَ تُشبهُ إلاّكَ
في لغةٍ من بروق°!
تؤثِّثُ غابَ السّفائنِ
من شغفِ الغيمِ
تَعرِجُ حيثُ مهاوي النّدى
تَمسُّ جفافَ العروق°
وتخشعُ ثانيةً..
................................
لتدخلَ في غابةِ الصّمتِ
يطويكَ ليلُ البياضِ السّحيق°
حسيراً بلا شَفَتين°!
يَنحتُ الرّملُ وجهكَ
تنحتهُ الرّيحُ
تُراقبُ خوفَ المصائر
في جسدٍ من° مرايا السَّأَم°
ترتجي أن° تجيئَ الفراشاتُ
من عالمِ البرقِ،
أو تتلأ لأُ من شُرفاتِ العَدَم°!
لم° يَعُد° في المتاهةِ ضوءٌ يشِفٌ
تمرُّ أمامك
كُلُّ المشاهدِ شاحبةً
في مرايا الجسَد°
تُحدّقُ من خلفِ نافذةٍ
لم تَعُد°
غيرَ ظِلٍّ مَضَى،
وَغَلّقَ أجفانهُ للأَبد°!!
٢۰۱٧/٢/٢۰
هيوستن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

للنّاصرية…رعد السّيفي للنّاصريةِ..للنّاصريةْو مسيلُ نهرِ الدّمِ. يُسْقِطُ منْ سماءِ الجسرِ              أقماراً نديّةْ خُذْ يا صديقي دمعتي                  للنّاصريةْلمدينتي الأُخرى،لأمواجِ الفراتِ تَبلُّ أضلاعي بحزنِ الماءِ في..             فجرِ الدّماءْخُذني إلى لُغةِ المواقدِ، للكوانينِ العتيقةِ،للمسلّاتِ التّي تتأبطُ الأيامَ أسئلةً،و أسراراً، لِتَصعدَ حيثُ مرقى النّورِ          في الأرضِ النّبيةْ لقداسةِ الجسدِ المسَجّى فوقَ لؤلؤةِ الرّمادِ،لذلك الحزنِ المعَشِّشِ في زوايا الرّوحِيتركُ فوقَ غُصنِ نهاري المكسورِ وردَ الدّمعِ     في النّارِ النّديةْ!لتمائمِ الأرضِ التّي ظَلَّتْ مُعَلَّقةً بجيدِ الموجِ تحرسُ وحشةَ الماءِ الغريبِ مِنَ الحجرْ!لمضيفها الضوئيتسبقُهُ الشّوارعُ، و البساتينُ الفسيحةُ،و البيوتْ لعبيرِ قهوتِها المهَيَّلِ،و هو يُحييْ نكهةَ الحزنِ الحميمِ هناكَ؛حيثُ تمرُّ حنجرةُ الغناءِ بما تيسَّر من رمادِ الروحِ في ذكرى الخفوتْلروافدِ النّهرِ التّي ما انّفَكَ فيها الليلُ يسرجُ للمدينةِ…ما تبقّى من قناديلِ الكواكبِ،و الصّواري السّاهراتِعلى ظلاماتِ الجسورْ!خُذْ يا صديقي دمعتي..لا تهجعُ الكلماتُ في محرابِ ذاكَ الّليلِ..ساهرةٌ معي؛في دمعةِ الزّيتونِ؛يذرفُ أوّلَ الأحلامِ في شغفِ الّلذائذِ نحو علياءِ القبورْ! خُذْني فليسَ هناكَ من معنى لهذا الصوتِ في طُرقِ المدينةِ حينَ يسألُني نشيجُ النّهرِ عن قمرٍ تكسَّرَ في الجذورْ قدْ كانَ يحنو؛كي يعيذَ مواكبَ الأمواجِ      بالأنسامِ من قَنّاصةِ الرّيحِ الغريبةِوهي تُوغِلُ في النّحور!!تلُّ الجنائزِ يطرقُ الأب وابَ يُشْعِلُ في الرؤى غيمَ العذابِ المرَّفي عبثِ الظّلامْ تتفتّحُ الطُرقاتُ عن حشدٍ من الأرواحِ؛تبحثُ في بياضِ الفجرِعن حُلُمٍ ذبيحْ!قَدْ كانَ ينسجُ من حكايا الّليلِ لأغنيةً…لطيرِ الماءِفي النّهرِ الضريحْ!ركضت إلى اللا أينَتسحبُ رغبةَ الأنفاسِفي جثثٍ تُلوّحُ للنّهايةِ،             و هي تنأى؛إِذْ تَمرُّ هناكَ فوقَ أصابعِ الفجرِ الجريحْ!كانَ انتظارُ الموتِ يُشْبهُ شهقةً..ما كادَ يُطْلقُهامسيلُ الدّمِ كي يصحو؛ليغرقَ في سُباتِ الوقتِ حتّى يستريحْ!تلكَ المدينةُ..لم تزلْ تتوشّحُ الحزنَ النّبيْ من أوّلِ الأسماءِتغتسلُ الحروفُ بمائِهاحتّى هطولِ الحُلْمِ في ليلِ البنفسجِ، و هو يغرقُ في الدّماءْ!تلك المدينةُ..أجَّجَتْ في الّليلِ حزنَ الرّيحِ في الوطنِ الجريحْ معراجُها للشّمسِ يكبُرُ في دمي صرخاتُ قلبٍكُلَّما وَطَّنْتُها؛تَرْتَدُّ ثانيةً تصيحْ:قَدْ عادَ شيطانُ الرّمادِ بشهوةٍ وحشيّةٍ؛لتفوحَ عندَ الفجرِ رائحةُ الذّئابِ                         فصيحةً!!من صبحنا المذبوحِ، فوقَ الجسرِ،  في الأرضِ النّبيةْللنّاصريةِ...للنّاصريةْهذا غناءُ الرّوحِ..مَنْ يبكي هُناكَ كأنّما يبكي..مفاتيحَ الجِنانِ، و حكمةَ المدنِ القَصيّةْقَدْ راحَ يبكي الماءَ،و النّهرَ المسيّج بالشّموعْ يبكي اغترابَ الرّيحِ في الأبراجِ،فَيْضَ الكُحْلِ، مرتعشاً،    على سوطِ الدّموعْ قَدْ راحَ يبكيني بأفئدةٍ تُفَتِّشُ في مسيلِ الدّمِ عن سرٍّ تبرعمَمن شفاهِ الجرحِ لمْ يَمسَسْهُ خوفٌ خُطَّ في سِفْر الخشوعْ قَدْ ظَلَّ يصدحُ وحدُهُ للنّاصريةِ…لمْ يزلْ عطشُ الشّفاهِ،ولم تزلْكفّايَ آنيةً من الفخّارِتنضحُ،في اشتهاءِ الشّمسِ،                 جَنّةَ مائِها؛لتُبلَّ فوقَ الجسرِ        ذاكرةَ السّطوعْ٢٠١٩/١١/٣٠هيوستن