الأحد، 28 سبتمبر 2014

من سبايكر الى السّجر... لجان التحقيق مع الشكر والتقدير


جمال حسين مسلم
                                                                                                       
************
إذا اردتَ أنْ تسوفَ أمرًا ما , فما عليكَ إلا احالتهُ إلى لجنةٍ للتحقيقِ ....تنبثقُ عنها عدةُ لجانٍ فرعيةٍ أُخرى , وبعد ذلك  تكلفُ لجنةً أخرى بمتابعة عمل اللجان الفرعية ..ثم يغلق الموضوع و{ تضيع السالفه } , مثلا  في زمن النظام الهالك ,نظامُ العبث الصخامي ,كانتْ الامورُ منوطةً بمزاجية القائد اللاضرورة ولاهم يحزنون , فكانتْ كبرى القضايا تُحلُ بهامشٍ من الجنرال أو غمزةٍ من حاجبيه ,ثم يغلقُ الملف ويحال إلى واحدةٍ من المقابرِ الجماعية  ,والتي صارتْ معلما من معالمِ التاريخ السياسي للعراق الحديث .. فلم يعرفْ  العراقُ آنذاك سياسة اللجان التحقيقية بشكلها المكثف الحالي , وكانت مختصرة في قضايا معدودة جدا ومحسومة سلفاٌ بحسبِ أهواء ونوايا الاخ المهيب الركن بطل التحرير القومي , صاحب الحفرة الشهيرة , والذي ضاع وضيع العراق  
أما اليوم وبعد حلول الديمقراطية ضيفًا ثقيلًا على العراقيين بعد 2003م , دخلتِ السياسةُ العراقية الداخلية والخارجية مجموعة كبيرة من المتغيرات , كانَ في مقدمتها تشكيلُ عديد اللجان لكشفِ المستور وبيان الحقيقية للمواطن المسط....ر, وغيره على حد سواء .. وهذه اللجان متكونة في الغالبِ من عدةِ لجانٍ فرعيةٍ أخرى , وإنْ تلكأ ت  { حلوة تلكأت } في عملها فيصار إلى لجنة مكلفة من هيئة عليا لتقويم عمل اللجان السابقة  ومن ثمَّ بيان { نسبة الانحراف } في العمل.. { ليش تروح بعيد } مثل عمل اللجان في البرلمان العراقي , وبعد هذا وذاك يُماطل في الوقت ويُراهن على عامل الزمن , ويُطوى الموضوع كطي السّجل , وتتآمرُ بعضُ الدوائر على المواطن الممتحن بالمصائب الجلل , وتدفع له بعض الاموال  ,تعويضا لهُ عما  افتقده منذ أربعين عاما ونيف أو مصتبه الحالي.. وكأننا قرابين تنحر عند دجلة الخير لهؤلاء  الخرفان , من الذين يتسولون بعوائلهم في أفخم المدن العالمية ,مستحضرين في ضميرهم المستتر وجوبا  صورة جندي عراقي ينحر في سبايكر وشقيق له ينحر في الصقلاوية عند مكان ما يسمى السجر ,على بعد بضعة كيلومترات من بغداد , حيثُ القوات الذهبية وقوات سوات!!!,ولامغيث له و لاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم ..                                          .          

كانت ثقافة مزورة تسمى تشكيل اللجان التحقيقية ,قد أدتْ دورًا كبيرًا ورئيسًا ومهمًا جدًا في السنوات الثمان الماضية ؛ أدتْ دورا في تسويفِ الحقائقِ ولفلت المفاسد وطمطت الفضائع .وتقسيم الكعكعة ,كما أدلتْ بذلك لبوةُ مدافعة عن المذهب !!! بصراحة كاملة ... ولكنْ كانت الامور وإلى حد ما تمشي بصف الحايط. حيث أكثر الملفات المحالة إلى لجانٍ تحقيقيةٍ تتعلقُ بقضايا الفساد الاداري والمالي وكذلك اختفاء وهروب بعض الوزراء والمسؤولين في الدولة ...وفي مقدمة مشاكل الفساد التي احيلت إلى لجانٍ تحقيقية ..كانت قضية الوزير عبد الفلاح السوداني وملف الكهرباء ومشروع ماء الرصافة ومشروع قناة الجيش وصفقة التسليح الروسي وفضيحة أمانة بغداد وقضية البنك المركزي العراقي ,,,,تستطيع أنْ تعددَ ما تشاءُ ...ثم استمرَ النهجُ الرسمي للدولةِ ,النهجُ القائمُ على السّخرية من عقول الناس والاستهزاء بمستوى التفكير لديهم ..ومن نطق بكلمةٍ , فكواتم الصوت متوافرة والحمد لله ....بُعيد تلك المرحلة انتقلت اللجان التحقيقية العاملة ضمن سياسة الدولة العراقية في طمطمت الموضوعات ولفلفتها إلى مرحلة أخطر من سابقتها تمثلتْ بعدة خروقات أمنية كبيرة وخطيرة وذات دلالات مهمة جدا في  تقويم عمل المؤسسة العسكرية والامنية العراقية ..وفي مقدمة تلك الاحداث ,حادثةُ  القصور الرئاسية في البصرة ومن ثم حادثة سجن ابو غريب المركزي  وسجن بادوش وسجن الحوت في التاجي...فضلاً عن عشرات السيارات المفخخة التي تضربُ البلادَ عرضًا بطولا في كل ليلةٍ ...فيما تصرُ الحكومة على سياسة التسويف والضحك على المقابل في تشكيل اللجان الحكومية المؤتمرة أصلا بأمرِ الحكومة المركزية والمنفذة لسياستها ؟؟  فأنتقلنا بعون الله تعالى من (( فتكٍ إلى فتكٍ أكبر من سابقه )) وحلتْ بِنا كارثةُ تسليم مفاتيح ثلث مساحة العراق إلى أوغاد أوباش من قطاع الطرق الدواعش ومن لفَّ لفهم...ومعها هدية مالكية محترمة تمثلت بمعدات ثلاث فرق عسكرية عراقية مع عتادها , فضلًا عن آبار نفط ومصارف حكومية وأهلية  بخزائنها القارونية....  وبين ليلة وضحاها يُكشفُ الغطاء عن مجزرة تاريخية كبرى ,تسمى بمجزرة قاعدة سبايكر , هزت الرأي العام العراقي وأثكلت النساء والامهات بأكثر من 2000 شهيد نُحِروا على دجلة الخير, ببركة الفكر الوهابي التكفيري وتواطؤ الحكومة العراقية وسكوتها عن بيان الحقيقة وتهربها من المثول أمام الاعلام وبيان الوقائع أمام انظار الناس جميعًا...وعلى الرغم من هول الحدث وكبر حجمه..فقد أحيل إلى لجنة تحقيقية هذه المرة أيضا !!! وأمر القائد العام للقوات المسلحة في حينها {السيد المالكي } بتشكيل لجنة تتابع عمل اللجنة التحقيقية !!! مع الشكر والتقدير ...واُخفيت الوقائعُ وتمَّ تطويق الموضوع وضاعتْ حقوقُ الناسِ سرًا وعلانيةً...وفي هذه السويعات من الزمن نصطدم من جديد بقضية الجيش العراقي ,الذي صمد لاكثر من أسبوع في مقره بناحية الصقلاوية ,وبعد أنْ تعالتِ الاصوات لانقاذهِ وتخليصهِ من ذبحٍ مؤكد ,تناهى إلى أسماعِنا عدةُ تصريحات من مسؤولين امنيين عراقيين تُبشرُ بأنتهاء المعركة وانقاذ الفوج المحاصر , في الوقت نفسه كانت الاحتفالات في شوارع أحدى المدن العراقية فرحاً بذبح الفوج عن بكرةِ أبيه ..وكانتْ جوامعُهم تكبرُ وتهلهلُ بالنصرعلى  الصفويين!!!.وما هي الاسويعات وتبينت الحقيقة الكاملة للشارع العراقي وأحيلَ الموضوع على التحقيق مع الضباط المقصرين مرة أخرى في هذه المجزرة , مع حلِ مكتب القائد العام للقوات المسلحة واحالة قائدين كبيرين للتقاعد {{ خطية ادمروا والله }} ,وتلك اللجنة تشبه سابقاتها في الضحك على الذقون والتسويف والمماطلة,وتلك اللجان بعمومِها الداخلية والخارجية....الحذرُ من استمرار الضحك والاستخفاف بعقول الناس ومشاعرهم ...فتجربة إذلال صخام حسين مازالت في الذاكرة ؛لإننا جميعًا  إمّا  دائن أو مدان... أمام  الله الحق القيوم... ولجانُكم التحقيقية تُذكرني دائمًا بالمثلِ العربي الشّهير الذي يقول :- شهابُ الدين أفضل من أخيه...ولكن كلا الاخوين ....راطُ ... سنلتقي وإياكم بلجنة تحقيقية قادمة...                                  .                                                                                 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

للنّاصرية…رعد السّيفي للنّاصريةِ..للنّاصريةْو مسيلُ نهرِ الدّمِ. يُسْقِطُ منْ سماءِ الجسرِ              أقماراً نديّةْ خُذْ يا صديقي دمعتي                  للنّاصريةْلمدينتي الأُخرى،لأمواجِ الفراتِ تَبلُّ أضلاعي بحزنِ الماءِ في..             فجرِ الدّماءْخُذني إلى لُغةِ المواقدِ، للكوانينِ العتيقةِ،للمسلّاتِ التّي تتأبطُ الأيامَ أسئلةً،و أسراراً، لِتَصعدَ حيثُ مرقى النّورِ          في الأرضِ النّبيةْ لقداسةِ الجسدِ المسَجّى فوقَ لؤلؤةِ الرّمادِ،لذلك الحزنِ المعَشِّشِ في زوايا الرّوحِيتركُ فوقَ غُصنِ نهاري المكسورِ وردَ الدّمعِ     في النّارِ النّديةْ!لتمائمِ الأرضِ التّي ظَلَّتْ مُعَلَّقةً بجيدِ الموجِ تحرسُ وحشةَ الماءِ الغريبِ مِنَ الحجرْ!لمضيفها الضوئيتسبقُهُ الشّوارعُ، و البساتينُ الفسيحةُ،و البيوتْ لعبيرِ قهوتِها المهَيَّلِ،و هو يُحييْ نكهةَ الحزنِ الحميمِ هناكَ؛حيثُ تمرُّ حنجرةُ الغناءِ بما تيسَّر من رمادِ الروحِ في ذكرى الخفوتْلروافدِ النّهرِ التّي ما انّفَكَ فيها الليلُ يسرجُ للمدينةِ…ما تبقّى من قناديلِ الكواكبِ،و الصّواري السّاهراتِعلى ظلاماتِ الجسورْ!خُذْ يا صديقي دمعتي..لا تهجعُ الكلماتُ في محرابِ ذاكَ الّليلِ..ساهرةٌ معي؛في دمعةِ الزّيتونِ؛يذرفُ أوّلَ الأحلامِ في شغفِ الّلذائذِ نحو علياءِ القبورْ! خُذْني فليسَ هناكَ من معنى لهذا الصوتِ في طُرقِ المدينةِ حينَ يسألُني نشيجُ النّهرِ عن قمرٍ تكسَّرَ في الجذورْ قدْ كانَ يحنو؛كي يعيذَ مواكبَ الأمواجِ      بالأنسامِ من قَنّاصةِ الرّيحِ الغريبةِوهي تُوغِلُ في النّحور!!تلُّ الجنائزِ يطرقُ الأب وابَ يُشْعِلُ في الرؤى غيمَ العذابِ المرَّفي عبثِ الظّلامْ تتفتّحُ الطُرقاتُ عن حشدٍ من الأرواحِ؛تبحثُ في بياضِ الفجرِعن حُلُمٍ ذبيحْ!قَدْ كانَ ينسجُ من حكايا الّليلِ لأغنيةً…لطيرِ الماءِفي النّهرِ الضريحْ!ركضت إلى اللا أينَتسحبُ رغبةَ الأنفاسِفي جثثٍ تُلوّحُ للنّهايةِ،             و هي تنأى؛إِذْ تَمرُّ هناكَ فوقَ أصابعِ الفجرِ الجريحْ!كانَ انتظارُ الموتِ يُشْبهُ شهقةً..ما كادَ يُطْلقُهامسيلُ الدّمِ كي يصحو؛ليغرقَ في سُباتِ الوقتِ حتّى يستريحْ!تلكَ المدينةُ..لم تزلْ تتوشّحُ الحزنَ النّبيْ من أوّلِ الأسماءِتغتسلُ الحروفُ بمائِهاحتّى هطولِ الحُلْمِ في ليلِ البنفسجِ، و هو يغرقُ في الدّماءْ!تلك المدينةُ..أجَّجَتْ في الّليلِ حزنَ الرّيحِ في الوطنِ الجريحْ معراجُها للشّمسِ يكبُرُ في دمي صرخاتُ قلبٍكُلَّما وَطَّنْتُها؛تَرْتَدُّ ثانيةً تصيحْ:قَدْ عادَ شيطانُ الرّمادِ بشهوةٍ وحشيّةٍ؛لتفوحَ عندَ الفجرِ رائحةُ الذّئابِ                         فصيحةً!!من صبحنا المذبوحِ، فوقَ الجسرِ،  في الأرضِ النّبيةْللنّاصريةِ...للنّاصريةْهذا غناءُ الرّوحِ..مَنْ يبكي هُناكَ كأنّما يبكي..مفاتيحَ الجِنانِ، و حكمةَ المدنِ القَصيّةْقَدْ راحَ يبكي الماءَ،و النّهرَ المسيّج بالشّموعْ يبكي اغترابَ الرّيحِ في الأبراجِ،فَيْضَ الكُحْلِ، مرتعشاً،    على سوطِ الدّموعْ قَدْ راحَ يبكيني بأفئدةٍ تُفَتِّشُ في مسيلِ الدّمِ عن سرٍّ تبرعمَمن شفاهِ الجرحِ لمْ يَمسَسْهُ خوفٌ خُطَّ في سِفْر الخشوعْ قَدْ ظَلَّ يصدحُ وحدُهُ للنّاصريةِ…لمْ يزلْ عطشُ الشّفاهِ،ولم تزلْكفّايَ آنيةً من الفخّارِتنضحُ،في اشتهاءِ الشّمسِ،                 جَنّةَ مائِها؛لتُبلَّ فوقَ الجسرِ        ذاكرةَ السّطوعْ٢٠١٩/١١/٣٠هيوستن