الاثنين، 19 مايو 2014

ليبيا بين النّار وجمرِها


ليبيا دولة عربية مسلمة مترامية الاطراف ..ذات جغرافية متلونة من البحر الى الصحراء الى الجبال ,السهول ,وومثل تلونها الجغرافي تمتاز بتلونها السكاني أيضا, من العرب والامازيغ والطوارق..وكلهم تحت حاضنة القبيلة أو البيوتات الكبيرة ,وتمتاز بثرواتها وخيراتها  من باطن الارض ومن فوقها ..من البحر والسهل.....والشعب العربي الليبي يعيش على مساحة واسعة جدا تكفيه وتكفي أجياله القادمة من دون ضنك أو جهد والامر مقرون بالايادي الخيرة التي تحكمه او تسوسه...وهو شعب كريم النفس , يجود بما يملك لضيفه ..على الرغم من المزاجية الشديدة عند كثير من الناس هناك الا انه في الاصل شعب معطاء ,يكرم الضيف ,ويجود عن مثله وقيمه ويضحي في سبيلها وما البطل عمر المختار الا واحد من هؤلاء الفرسان الاشاوس...الذين سطروا التاريخ وكتبوا أروع الملاحم فيه...هكذا هي سيرة الشعب العربي الليبي النبيل والكريم ,ومن تجربتي الشخصية معه...                                                                                         
ليبيا أو الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى , كما يحلو لقائد الثورة الليبية العقيد معمر القذافي أنْ يطلق عليها من مبتكراته ومخيلته ما يشاء...لابد انْ يصادف المرء في زيارته لهذه البلاد ...أكثر من  لافتة معلقة على الجدران وقد كَتبت ْبالعربية الفصحى إلا انها مبهمة المعاني !!!,من مثل ( زيد تحى زيد ),فالمرء يعتقد بأن الموضوع متعلق ب الجملة الاسمية المكونة من المبتدأ وخبره الجملة الفعلية...الا ان حقيقة الامر تعني (الزيادة ) في تحديك للامريكان ثم زيد في التحدي لهم ؟؟؟ وكذلك قوله ( عصر الجماهير ) فبعضهم يراه من المعصرة وفراغ الجيوب...وبعضهم الاخر يفسره من عصر الجماهير أي الزمن الذهبي للجماهير...نعم الزمن الذهبي للجماهير العربية في ليبيا المترامية الاطراف والتي تربط اوربا بافريقيا والبحر بالصحراء والماضي  بالمستقبل...عصرها حين يجد ويجتهد المواطن وهو يحلم في يوم تلفزيوني يخلو من اطلالة الاخ القائد ..وكأن صوره المتناثرة بين الشوارع والساحات والمدن لاتكفي...وكأن المواطن الليبي يخلو من الهموم ,التي تلبسه ثوبا من الهم مقاسه ضعف مقاس المواطن بعديد المرات...هكذا تبعثرت أيام الليبين في أكثر من أربعين عاما عاشها تحت قيادة اللجان في كل مكان والثورة المستمرة..والبنى التحتية بكل أنواعها تئن تحت وطأة الاهمال والفساد الاداري والمالي...وكأن المواطن خلق ليحمل ملفه في يده ويراجع دوائر الدولة ,التي تكتسي اللون الاخضر وترفع الشعارات الرنانة...ولم يخطر في فكر القيادة الليبية ولو لمرة واحدة ان تناقش الوضع الانساني  للمواطن الليبي ومانتج عنه من خراب فكري ودمار اجتماعي ؛ لان ا لآمر والناهي هو واحد وكلامه في أقل تقدير ,يرقى الى مستوى النبؤة  التي لاتحتمل التأويل...ومن هنا وتخلصا من كل التخرصات والخزعبلات الخضراوية ..تأسست لجنة تفسير خطابات الاخ القائد !!! وهي لجنة من مجموعة من الاساتذة ..تقوم بترقيع ما يمكن ترقيعه من أفلام الاخ القائد.....مرت السنون وطالت الايام والشعب العربي الليبي يعيش حصارا فكريا عقيما ويقطن سجنا كبيرا ولاحول ولاقوة له الا بالله...من بطش واستبداد القوى الامنية وأذرعها المنفذة لاجندات الحكومة الليبية ومنتفعيها من الخطوط الاولى والثانية  وما الى ذلك....ولايمكن لسطر في هذا المكان المتواضع ان يلخص أحوال الشعب الليبي في اربعة عقود من الزمن ..هلك فيها الزرع وزراعه..... ومع ذلك كله كان كثير من العرب العاملين في ليبيا يؤمنون بان ليبيا هي الافضل  للعيش مقارنة بدولهم التي قدموا منها والمقارنة الى حد ما صحيحة ...                                                                        
                                                   وما ان انجلت غبرة الربيع العربي الدموي... وما ان صمتت ضوضاء المقاتلات الاوربية الاطلسية والامريكية في سماء الشعب العربي الليبي حتى رفرت راية الدولة الليبية الجديدة وهي راية الدولة القديمة في العصر الملكي السنوسي..و قبيل انهيار النظام الليبي بوصفه أول وأخر جماهيرية خضراء على سطح البسيطة..{ سُحِلَ سحلا ً } قائدها وأمام وسائل الاعلام المختلفة بطريقة مهينة ومذلة ...سبح في نهايتها بدمه من الرأسِ الى القدم دون محاكمة تاريخية أو حق الدفاع عن نفسه...والامر سيان فلقذافي نفسه لم يك بهذا المستوى من الانسانية ولم يمنح خصومه سوى حبال المشانق وعتمة السجون الابدية والاغتيالات في الخارج والداخل....                                                                                    
ولكن الشعب العربي الليبي الكريم ,الطيب الاصل والمنبت, مالبث أنْ تحول من النار الى جمرها المتقد..فقد غاصت المدن الليبية المتناثرة بين الساحل والصحراء..في عمق الرمال المتحركة الجديدة ,وصارت أسيرة الحركات السلفية المتطرفة , والتي حولت ليبيا الى معسكر آمن يستقطب كل الغزاة الجدد من شمال افريقيا ولاسيما مصر وتونس والجزائر ودول الصحراء الافريقية... وبسطوا هيمنتهم الكاملة على مساحات جغرافية مترامية الاطراف ..ساعدهم في ذلك سهولة الانتقال عبر الحدود وتوافر الحواضن الامنة والخواصر الضعيفه في لبيبا المالكية المذهب ,ذات الطابع الصوفي الرائع المحبة لال بيت النبوة الكرام....صاحبة أرقى الزوايا التي تعلم القران الكريم وأصول اللغة العربية... ليبيا صاحبة المولد النبوي الشريف واحياء ليالي القدر العظيمة, بمنظر قل  جماله في البلدان العربية الاخرى..                                        .                                                                                  
أغمض الاتحاد الاوربي وكعادته عينيه عن الوضع في ليبيا ,ورسمت وسائل الاعلام الاوربي لوحة ضبابية عن المشهد السياسي الجديد في ليبيا ,وصار الرأي العام في أوربا يجهل ما يجري هناك تماما ..في الوقت الذي استشعرت الجزائر حقيقة الخطر المتنامي والمتصاعد من الاراضي الليبية وكذلك شعر بالامر نفسه كبار قادة الجيش المصري وجل مثقفين الشعب العربي المصري...فيما بقيت الحكومة التونسية أسيرة لمواقف متباينة تتسم بالخجل الشديد في كثير منها ,وتتناغم مع الداخل الليبي بشكل واضح وكبير...لكثير من الاسباب في مقدمتها التوجهات الدينية لكلا الطرفيين...                                                                                      
وبقي مصير المواطن الليبي ومنذ اكثر من خمسين عاما معلقا بين النار مرة وبين جمرها مرة أخرى, فهو يعيش مرحلة انتقالية ,ينعى فيها حاله وماضيه وحاضره ..مؤمنا بأن المليشيات هي الحل الاسؤ والذي لابديل عنه في الوقت الراهن لحفظ وأمن الانسان على مستوى المدينه والقبيلة..وليست بقية دول الربيع العربي الاحمر بافضل حال من لبيبا , ولكن الادوار متغيرة والمشاهد متعددة ولاغرابة في  الموضوع ما دامت الامور بيد امراء النفظ والغاز ووعاظهم ممن يمتهنون التحريض من أجل احلال الدم والعرض والمال, وان كانت العاقبة تدمير امة بتاريخها وحاضرها                                                                                
  جمال حسين مسلم
http://jamalleksumery.blogspot.co.at

هناك تعليق واحد:

  1. هم (عربان النفط ومشيخاته ) ولا غرابة في ذلك ماداموا أذناباً عوجاء لإسرائيل وأمريكا فكم من دور قذر لهم لعبوه ومازالوا مستمرين فيه بأجنداتهم التي تخدم أسيادهم في المنطقة العربية ، فكم اختالوا تيهاً وعنجهة وغباء وكم خربت أياديهم في ليبيا ومصر والعراق وسوريا التي حاولوا جاهدين وبشتى الوسائل تحضير نفس السيناريو الذي كان لهم دوراً بارزاً فيه في ليبيا ، وخاصة المملكة العبرية السعودية و( دويلة قطر ) التي لاتفوق بمجمل مساحتها أكثر من مجرور مياه في أي دولة عربية من الدول المذكورة . لكن الدور القادم سيكون عليهم فلا عاقل يتوهم أن ( خريف ) الدم العربي لن يمر بهم ويعصف بمشيخاتهم وإماراتهم ، ولكن للأسف الخاسر الوحيد سيكون شعوبهم لأنها هي من ستدفع الثمن الأكبر ، كما دفعته غيرهم من شعوب المنطقة العربية .

    ردحذف

للنّاصرية…رعد السّيفي للنّاصريةِ..للنّاصريةْو مسيلُ نهرِ الدّمِ. يُسْقِطُ منْ سماءِ الجسرِ              أقماراً نديّةْ خُذْ يا صديقي دمعتي                  للنّاصريةْلمدينتي الأُخرى،لأمواجِ الفراتِ تَبلُّ أضلاعي بحزنِ الماءِ في..             فجرِ الدّماءْخُذني إلى لُغةِ المواقدِ، للكوانينِ العتيقةِ،للمسلّاتِ التّي تتأبطُ الأيامَ أسئلةً،و أسراراً، لِتَصعدَ حيثُ مرقى النّورِ          في الأرضِ النّبيةْ لقداسةِ الجسدِ المسَجّى فوقَ لؤلؤةِ الرّمادِ،لذلك الحزنِ المعَشِّشِ في زوايا الرّوحِيتركُ فوقَ غُصنِ نهاري المكسورِ وردَ الدّمعِ     في النّارِ النّديةْ!لتمائمِ الأرضِ التّي ظَلَّتْ مُعَلَّقةً بجيدِ الموجِ تحرسُ وحشةَ الماءِ الغريبِ مِنَ الحجرْ!لمضيفها الضوئيتسبقُهُ الشّوارعُ، و البساتينُ الفسيحةُ،و البيوتْ لعبيرِ قهوتِها المهَيَّلِ،و هو يُحييْ نكهةَ الحزنِ الحميمِ هناكَ؛حيثُ تمرُّ حنجرةُ الغناءِ بما تيسَّر من رمادِ الروحِ في ذكرى الخفوتْلروافدِ النّهرِ التّي ما انّفَكَ فيها الليلُ يسرجُ للمدينةِ…ما تبقّى من قناديلِ الكواكبِ،و الصّواري السّاهراتِعلى ظلاماتِ الجسورْ!خُذْ يا صديقي دمعتي..لا تهجعُ الكلماتُ في محرابِ ذاكَ الّليلِ..ساهرةٌ معي؛في دمعةِ الزّيتونِ؛يذرفُ أوّلَ الأحلامِ في شغفِ الّلذائذِ نحو علياءِ القبورْ! خُذْني فليسَ هناكَ من معنى لهذا الصوتِ في طُرقِ المدينةِ حينَ يسألُني نشيجُ النّهرِ عن قمرٍ تكسَّرَ في الجذورْ قدْ كانَ يحنو؛كي يعيذَ مواكبَ الأمواجِ      بالأنسامِ من قَنّاصةِ الرّيحِ الغريبةِوهي تُوغِلُ في النّحور!!تلُّ الجنائزِ يطرقُ الأب وابَ يُشْعِلُ في الرؤى غيمَ العذابِ المرَّفي عبثِ الظّلامْ تتفتّحُ الطُرقاتُ عن حشدٍ من الأرواحِ؛تبحثُ في بياضِ الفجرِعن حُلُمٍ ذبيحْ!قَدْ كانَ ينسجُ من حكايا الّليلِ لأغنيةً…لطيرِ الماءِفي النّهرِ الضريحْ!ركضت إلى اللا أينَتسحبُ رغبةَ الأنفاسِفي جثثٍ تُلوّحُ للنّهايةِ،             و هي تنأى؛إِذْ تَمرُّ هناكَ فوقَ أصابعِ الفجرِ الجريحْ!كانَ انتظارُ الموتِ يُشْبهُ شهقةً..ما كادَ يُطْلقُهامسيلُ الدّمِ كي يصحو؛ليغرقَ في سُباتِ الوقتِ حتّى يستريحْ!تلكَ المدينةُ..لم تزلْ تتوشّحُ الحزنَ النّبيْ من أوّلِ الأسماءِتغتسلُ الحروفُ بمائِهاحتّى هطولِ الحُلْمِ في ليلِ البنفسجِ، و هو يغرقُ في الدّماءْ!تلك المدينةُ..أجَّجَتْ في الّليلِ حزنَ الرّيحِ في الوطنِ الجريحْ معراجُها للشّمسِ يكبُرُ في دمي صرخاتُ قلبٍكُلَّما وَطَّنْتُها؛تَرْتَدُّ ثانيةً تصيحْ:قَدْ عادَ شيطانُ الرّمادِ بشهوةٍ وحشيّةٍ؛لتفوحَ عندَ الفجرِ رائحةُ الذّئابِ                         فصيحةً!!من صبحنا المذبوحِ، فوقَ الجسرِ،  في الأرضِ النّبيةْللنّاصريةِ...للنّاصريةْهذا غناءُ الرّوحِ..مَنْ يبكي هُناكَ كأنّما يبكي..مفاتيحَ الجِنانِ، و حكمةَ المدنِ القَصيّةْقَدْ راحَ يبكي الماءَ،و النّهرَ المسيّج بالشّموعْ يبكي اغترابَ الرّيحِ في الأبراجِ،فَيْضَ الكُحْلِ، مرتعشاً،    على سوطِ الدّموعْ قَدْ راحَ يبكيني بأفئدةٍ تُفَتِّشُ في مسيلِ الدّمِ عن سرٍّ تبرعمَمن شفاهِ الجرحِ لمْ يَمسَسْهُ خوفٌ خُطَّ في سِفْر الخشوعْ قَدْ ظَلَّ يصدحُ وحدُهُ للنّاصريةِ…لمْ يزلْ عطشُ الشّفاهِ،ولم تزلْكفّايَ آنيةً من الفخّارِتنضحُ،في اشتهاءِ الشّمسِ،                 جَنّةَ مائِها؛لتُبلَّ فوقَ الجسرِ        ذاكرةَ السّطوعْ٢٠١٩/١١/٣٠هيوستن